يجد الحاج الكندي «إبراهام ستيف» أن توثيق الطقوس المصاحبة لموسم الحج أمر ضروري لا بد من القيام به، فهو يعتبر أن مكتبته الخاصة في حاجة ماسّة إلى مجموعة من الصور التي تعكس التجمّع الإسلامي الأكبر. ويرى أن من البدهي بالنسبة له، أن يحمل آلة التصوير الخاصة به في الحج، لالتقاط كل مشهد تقع عليه عيناه. الصيدلي والمصوّر الفوتوغرافي، جاء إلى الحج وحده، واقتصر وجوده في المشاعر المقدّسة على أداء الفريضة، ثم أداء الهواية التصويرية التي يعشقها، الأمر الذي جعله يصول ويجول في أرجاء المشاعر كافة، ليجعل وجهه محجوباً لوقت طويل بعدستين، إحداهما متخصصة بأخذ القريب، وأخرى متخصصة في الوصول إلى ما يتعذر الوصول إليه بسهولة، في شكل يوحي بأنه مصوّر متخصص تم انتدابه من قبل جهة عمله الإعلامية، إذ إن وجوده يكاد يكون منافساً لبعض المنتدبين، فعلى رغم أن كثيراً من الحجاج يحرصون على حمل آلة تصوير صغيرة يمكنها أخذ حيز في حقيبة اليد، إلا أن «الصيدلي» بدا بشكل مغاير عنهم تماماً، كونه يسير بإحرامه، ويضع فوق منكبه حقيبة تصوير متكاملة، محتواها عدستان من أقوى وأدق العدسات، وثلاث بطاريات لأجل الحصول على البديل عند تعرّضه لخيانة إحداها أثناء تصويره، وثلاث ذاكرات حفظ يتنقّل بينها عندما تستسلم واحدة منهن لعدد الصور وتعجز عن احتواء المزيد. يقول: «لا أسير لمكان إلا وكاميرتي تسبقني، وما أقوم به الآن يختلف عما اعتدت عليه، نظراً إلى أنني أوثّق مشاهد تشكّل أجمل المشاهد التي رأتها عيناي، فهي تتعلّق بأجواء روحانية عظيمة، يظهر فيها الترابط وتتّضح فيها الإلفة بأبهى الأشكال وأجملها، إضافة إلى أن هذه المناسبة تتخللها بعض المناظر التي يمكن وصفها بالغريبة من قبل بعض الحجاج، وتكاد تكون غير مشاهدة بوضوح إلا خلال هذا الموسم تحديداً، لذا أعمل على استغلال ذلك، لأوثق كل صغيرة وكبيرة يمكن لناظري ملامستها، فمن غير المعقول لدي أن آتي إلى هذا المكان الجميل، من دون أن أحمل الكاميرا معي، فأنا على استعداد للتنازل عن كل صوري السابقة في مقابل صور الحجاج وأداء الحج». ويبدو أن تنقّل «ستيف» من مكان لآخر من دون لباس يشير إلى أنه يتبع لجهة ما، أغرى بعض المصوّرين التابعين لبعض الوكالات والصحف، إذ تلقى طلباً من قبل اثنين منهم، للحصول على بعض الصور التي التقطها، بعد أن لوحظ عليه اختيار الزوايا الاحترافية في كثير من الصور التي يلتقطها، بيدَ أن هذين الطلبين وجدا الرفض القاطع من قبله، مرجعاً ذلك إلى أن الصور أقرب إلى كونها جزءاً منه، لا يستطيع التنازل عنها، «أنا أصور لنفسي، وليس من السهل لدي أن أقدّم صوري إلى جهة أو شخص، فهي مقرّبة مني كثيراً، ولا أحبّذ أن أتخلى عن واحدة منها».