نجح العلماء الذين يعملون على جهاز «مصادم الهدرون العظيم» أكبر مسرّع للجزيئات في العالم، للمرة الأولى بإنتاج ما يعرف ب «مضاد المادة» في تطور غير مسبوق بتاريخ العلم، كما أفاد موقع شبكة «سي ان ان» الإلكتروني. ووصف القائمون على المشروع هذا الإنجاز بأنه «فتح جديد في الفيزياء» في سياق سعيهم للتوصل إلى فهم نشوء الكون. وبحسب الإعلان الصادر عن مختبرات «CERN» في جنيف، فإن العلماء تمكنوا من رصد ذرات من مضاد الهيدروجين في فخ مغناطيسي. وتعتبر مسألة فهم طبيعة «مضاد المادة» الأساس في التحقق من صحة نظرية «الانفجار الكبير»، الذي يعتقد العلماء بأنه أدى إلى نشوء الكون بعد إنتاج كميات متساوية من المادة و «مضاد المادة». وتكمن صعوبة رصد «مضاد المادة» من واقع أن وجودها يتعارض بشكل مطلق مع المادة، إذ كلما تواجدت جزيئاتهما في مكان واحد تبدأ عملية تدمير متبادل يتبعه دفق فائض من الطاقة. ولهذا السبب قام العلماء بإنتاج 28 ذرة من مضاد الهيدروجين في فخ مغناطيسي بهدف تجنب اصطدامها بجدران أنابيب جهاز «صادم الهدرون» التي تمتد كيلومترات عدّة. وسمح الفخ المغناطيسي بإطالة حياة الذرات إلى عُشر الثانية، الأمر الذي يقول العلماء أنه يكفي لإجراء الاختبارات اللازمة عليها. وقال البروفسور جيفري هانغست، أحد العلماء الذين شاركوا في التجربة: «أشعر بالكثير من الفرح والراحة. لقد احتجنا إلى خمس سنوات لنتمكن من تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي سيسمح لنا بفهم أفضل للزمان والفضاء، خصوصاً أن الطبيعة لفظت ذرات المادة المضادة، لأسباب لا نفهمها بعد». وأوضح هانغست أن العلماء اضطروا إلى إعادة الاختبار 335 مرة قبل أن ينجحوا برصد ذرات مضاد الهيدروجين، معتبراً أن التجربة كانت ستكون أصعب بآلاف المرات، لولا الاعتماد على الفخ المغناطيسي. أما الهدف المقبل لمختبرات «CERN»، فهو محاولة إنتاج وميض من المادة المضادة. وكان العلماء في مركز جهاز «صادم الهدرون العظيم» نجحوا بصدم شعاعي جزيئات بروتون للمرة الأولى في تاريخ العلوم في آذار (مارس) الماضي. وقال المعهد الأوروبي للدراسات النووية المشرف على عمل الجهاز الذي كلّف بناؤه عشرة بلايين دولار، وتمتد قنوات تسريعه على مسافة 17 ميلاً عند الحدود السويسرية - الفرنسية، إن محاولات صدم الشعاعين كانت بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعدما جرى تسريع دوراتهما إلى 3.5 تيرا إلكترون فولت. ويحاول الجهاز إثبات وجود جزيئات شبه ساكنة تعرف باسم «جزيئات هيغز»، يعتقد بأنها تشكل الكتلة الأساسية للأشياء في الكون.