أن يكون للحلاقة غير النظامية وجود خلال موسم الحج، فهذا أمر لا يدانيه أدنى نوع من الغرابة، إذ تعد من أبرز المشاهد الملاحظة واللافتة في كل موسم، بل يتجدد حضورها سنوياً بالسيناريو ذاتها، ولم يتوقف مدها عند أي نقطة تقررها جهات المراقبة على الورق للحد منها، وما قد يحدث من فروق بين المواسم لا يعدو، مع تضاؤله في ظل تشديد الرقابة عليه والعمل على الحد منها وإيقافها، سوى مجرد محاولات روتينية لم تفلح حتى الآن في القضاء عليها واجتثاثها من جذورها. في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، تعلن أمواس وماكينات الحلاقة والمقصّات عن نفسها، وعن قدرتها على حصد أرقام فلكية من الشعر بمختلف الألوان والأشكال، لتظهر بشكل ليس له مثيل ولا شبيه، إلا في ذاك اليوم من العام المقبل، لكن هذه المعدّات والأدوات ليست جميعها في حال واحدة، إذ إن جزءاً منها يعيش حالة نظامية رسمية، لا تشوبها المخالفة ولا ترتبط بها لا من قريب ولا من بعيد، بينما تصرّ أخرى على أن تجعل من نفسها مضيافة، وتأبى إلا أن تتجول في أكثر موقع للحجاج كي تلامس أكثر من رأس، الأمر الذي من شأنه انتقال الأمراض بين حاج وآخر، بشكل يثير التساؤل حول قابلية بعض الحجاج باستخدام أدوات حلاقة استخدمت قبيل دقائق قليلة وانتقلت من ثم لتقدم فضلها لأناس آخرين، لا سيما أن التحذير من مثل هذا الإجراء، والتعريف بمدى الضرر الذي يحدث نتيجته، يكاد يكون معروفاً لدى جميعهم. ولما كان موسم الحج فترة حصد ما في جيوب الحجاج، فرض عاملا الوقت والمقابل المادي، نفسيهما كمحركين يقودان الساعين للنيل من كعكة الحجيج إلى الاتجاه إلى الحلاقة غير النظامية، لا سيما أن النسبة العددية للحلاقين النظاميين قد لا تتناسب مع أعداد الحجاج، وما يدلّل على ذلك هو وجود الازدحام الشديد لدى محالهم، الأمر الذي يجعل الكثير من الحجاج مبتعدين عنهم، ومتجهين لنظرائهم المخالفين المنتشرين هنا وهناك، كسباً للوقت وحرصاً على الانتهاء من متطلبات الحج على وجه السرعة، بينما يميل آخرون إلى الحلاق غير النظامي من منطلق أنه أقلّ أجراً من النظامي، مطمئناً إلى أن تقصير أجزاء قليلة من الشعر بواسطة موس أو مقص مستخدم مسبقاً، لن يتسبب له في ضرر يذكر. وتدخل هذا العام الفرق الكشفية كمساهم في محاربة ظاهرة المخالفين من ممارسي الحلاقة، وإسناد مهمات كبيرة لأدائها في سبيل ذلك تصل مرحلة مصادرة الأدوات المستخدمة في عملية الحلق من طريق تنظيم مجموعة من الحملات التفتيشية المتواصلة في أكثر من موقع، إذ يزيد عدد الكشّافين المراقبين لمخالفي الحلاقة في كل موقع على 30 مراقباً. وكشف قائد الفرقة الكشفية المتخصصة في الحملات التفتيشية على الحلاقة غير النظامية حمد العثمان، إيقاف الكشّافين المئات من المخالفين لنظام الحلاقة في أماكن مختلفة، صادروا أدوات الحلاقة التي يمتلكونها، مشيراً إلى أن هناك 32 كشّافاً يعملون في أماكن مختلفة، مبيّناً أن الكثير ممن تم إيقافهم إما أن يكونوا حجاجاً يمارسون الحلاقة لغيرهم بمقابل وبالأدوات ذاتها، أو أصدقاء يحلقون لبعضهم، إضافة إلى وجود حلاقين عامّة ليسوا بحجاج.