تقاطرت وفود الحجيج يوم أمس إلى مشعر منى بعد قضاء التاسع من ذي الحجة على صعيد عرفات، في مشهد آسر لم يقطعه مغيب شمس عرفة، وغادرت الوفود لتحتضن ساحات المشعر الحرام في مزدلفة. تعبٌ وإرهاق أجسادٍ قلوبُها معلّقة بالرجاء، ومشاعرها رهن فضاءات يرتبط فيها الحس بالمعنى، والملفوظ بالمفهوم، والترحال بالإقامة، وكلٌّ في شغل بنفسه وهمه وقضاياه، بل إن بعض الحجيج اعتمد قائمة مليئة بأسماء أقاربه وأبرز حاجاتهم من ربهم ليبتهل نيابة عنهم، سائلاً الله تحقيقها، مفضِّلاً قراءة اسم كل مُوْصٍ بالدعاء من دفتر صغير خشية نسيان أحد من أهله. ولم ينتظر بعض الحجاج استرداد أنفاسه من إرهاق ليلتين، إذ سرعان ما تسابقت أقدامهم باتجاه الحرم المكي لإكمال أركان الحج، من خلال طواف الإفاضة وسعي الحج، ليبقى عليه مبيت ليلتين لمن يتعجل منهم، يقضيها في منى، ويرمي الجمار الثلاث في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة، ليختتم المتعجلون نسكهم الخميس بطواف الوداع سبعة أشواط حول الكعبة المشرَّفة، باعتبار أن البدء كان بها والختام لا يليق بعيداً عنها.