في الوقت الذي اعتاد فيه الحجاج على تناول المرطبات التي تخفّف عنهم حرارة الأجواء خلال أدائهم مناسك الحج، اقتحم «الآيسكريم» المكان، ودخل منافساً قوياً يقترب من التفوّق، بعد أن أوجد لنفسه في أكثر من مكان داخل المشاعر المقدّسة، حضوراً لا فتاً وتواجداً بارزاً، من خلال تقديمه عبر مجموعة قليلة من السيارات المتخصّصة في تسويقه للمارة وعابري السبيل، وبعض المحال الثابتة الواقعة في بعض الجهات، إضافة إلى تقديمه من بعض الباعة المتجوّلين. وما يلفت النظر ويستوقف الناظر، مشهد كبار السن وهم ينكبّون على أماكن بيع «الآيسكريم» ليظفروا بشيء منه، منافسين بمزاحمتهم فتيان الحج وصغاره، الذين عرفوا بعلاقتهم الوطيدة معه، الأمر الذي يظهر معه في شكل جليّ، ضعف قدرة فئة كبيرة منهم على التعايش مع حرارة الأجواء الشديدة، لذا كان اللجوء إلى «الآيسكريم» تجنّباً لها، ليجعلوا منه المنقذ والسبيل الذي يرتمون عليه خلال هذه الفترة تحديداً. ويشكّل الجزء الأخير من صباح كل يوم، بجانب ساعات الظهيرة، ذروة التوافد على بائعي «الآيسكريم»، نظراً إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة الزمنية أكثر من ساعات اليوم الأخرى، ليشهد البيع انتعاشاً بالغاً، وحركة لا تتوقف. ووسط طابور متنوّع الأجناس والأعمار، يقف أبو عبدالله منتظراً دوره لأخذ نصيبه من الشوكولاته الجامدة، التي يقول عنها: «إنه لم يعتد إلا على شرائها لأبنائه في الرياض، بيدَ أن للضرورة أحكاماً في هذا الوقت بالذات، إذ اضطرته حرارة الأجواء إلى الاهتمام بتناولها، ليخفّف على نفسه ما يعانيه، و«ليبرّد على نفسه» (كما يقول). ويقف خلفه بقليل الحاج إبراهيم السالم، الذي يؤكد أنه بحاجة إلى تناول «الآيسكريم» على رغم تأكيده أن أسنانه لا تتحمّل البرودة الشديدة، فما تعرّض له من أجواء شديدة الحرارة، قادته إلى محاولة تناوله هذا النوع من «المرطبات»، علّه يحوّل حرارة جسمه إلى درجة الاعتدال. في تلك الأثناء، يطلّ الحاج الصغير خالد الحسين، ليطلب من البائعة ثلاثة أصناف، يقتسمها هو وأبواه، اللذان طالباه بالشراء لهما، للتخفيف من شدة الحرارة الجويّة الظاهرة، إذ يؤكد أنه وللمرة الأولى يتّجه لشراء «الآيسكريم» لهما، بعد أن كانا يطالبانه بالتقليل من تناولها سابقاً.