رانغون - أ ف ب، رويترز - بعد اكثر من سبع سنوات على وضعها قيد الاقامة الجبرية، افرجت السلطات العسكرية في ميانمار أمس، عن المعارِضة اونغ سان سو تشي، رمز النضال من اجل الديموقراطية في البلاد وحاملة جائزة نوبل للسلام. واعلن مسؤول طلب عدم كشف هويته: «سو تشي حرة الآن». وابلغ مسؤولون رسميون وصلوا الى منزل سو تشي (65 سنة) امر النظام العسكري الافراج عنها، وذلك في اليوم الاخير لحكم الاقامة الجبرية المفروض عليها بعد تمديده للمرة الاخيرة قبل 18 شهراً، ثم ازيلت الحواجز التي تقطع الطريق منذ سنوات، ما سمح لسو تشي بالظهور امام سياج منزلها الواقع في شارع الجامعة، حيث تواجد حوالى الفي شخص غنوا لمشاهدة زعيمتهم وصفقوا بشدة في اجواء من الفرح الصاخب. كما تدفق مسؤولون قدامى من حزب «الرابطة القومية من أجل الديموقراطية» الذي تتزعمه للقائها. وامضت ابنة الجنرال اونغ سان بطل استقلال بورما، حوالى 15 من السنوات ال21 الاخيرة محرومة من حريتها، اذ وجد النظام العسكري الحاكم دائماً مبرراً لسجنها بعد كل افراج عنها. وحرمت من التنقل بحرية منذ ايار (مايو) 2003. وبعدما ضحت بعائلتها وحياتها الخاصة في سبيل القضية التي تناصرها، ستستطيع سو تشي لقاء ابنيها اللذين يعيشان في بريطانيا منذ عشر سنوات، اذ كانت عدلت عن التوجه الى ذلك البلد في 1999 للبقاء قرب زوجها المريض، خوفاً من ألا تتمكن من العودة الى ميانمار. وطالبت الاسرة الدولية، وبينها دول من رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تنتمي اليها ميانمار، بإلحاح باطلاق سراح المعارضة منذ اعادة وضعها قيد الاقامة الجبرية. وانتقدت الدول الغربية بشدة رفض السلطات العسكرية الافراج عنها قبل الانتخابات التي اجريت الاحد الماضي للمرة الاولى منذ عشرين سنة، وشهدت فوز حزب موالٍ للنظام العسكري بنحو 80 في المئة من المقاعد. وسمح بقاء سو تشي قيد الاقامة الجبرية خلال الحملة الانتخابية، بضمان الجنرال ثان شوي، الرجل القوي في النظام العسكري، اقصاء عدوته اللدودة عن الاقتراع، بعد الهزيمة التي مني بها امامها عام 1990، حين رفض النظام العسكري الاعتراف بهذه النتائج التي استندت المعارضة اليها دائماً لتبرير شرعيتها كأكبر معارضة للنظام العسكري. شكوك حول مستقبلها وعلى رغم ان انصار سو تشي مازالوا يرون فيها امل الديموقراطية الوحيد في بلد يحكمه العسكر منذ نصف قرن، بات موقفها اضعف اليوم، وهو ما لم يكن ليخطر في بال احد قبل عشرين سنة، علماً ان مقاطعة حزبها «الرابطة الوطنية للديموقراطية» الاقتراع الاخير ادى الى حل الحزب، ما فتح المجال امام انقسام المعارضة الديموقراطية، بعدما انسحب بعض قادة الرابطة، واسسوا «القوى الديموقراطية الوطنية» التي شاركت في الاقتراع تحت لواء جديد. ويرى رونو ايغروتو الخبير السياسي في جامعة هونغ كونغ ان «الديموقراطية ليست مترسخة في المؤسسات، ولا متجذرة في الممارسات اليومية في بورما. لكن «لا يمكن استبعاد وزنها السياسي والأيديولوجي في العقدين الماضيين، اذ اثارت مع حزبها وشبكاتها الداخلية والخارجية، حركة سياسية، وعاد الفضل اليها في التكلم عن حقوق الانسان او الحريات المدنية او الديموقراطية في ميانمار اليوم». وكانت «سيدة ميانمار» خرجت، وهي تبكي، من منزلها في ايلول (سبتمبر) 2007 لتحية آلاف من الرهبان البوذيين الذين تظاهروا للاحتجاج على القمع وغلاء المعيشة، في تحدٍّ لقوات مكافحة الشغب المنتشرة حول منزلها. ويؤمن كثيرون بان سو تشي ستضطلع بدور مستقبلي في ميانمار. وقال مونغ زارني الباحث في معهد «لندن سكول اوف ايكونوميكس»: «اصبحت مؤسسة، والجمهور سيؤيدها طالما انها على قيد الحياة». لكن خين زاو وين، المعتقل السياسي السابق المقيم في رانغون، يعتبر ان سو تشي «لم تتخذ خيارات صحيحة، وفوتت فرصاً كثيراً للقيام بشيء ايجابي حقاً من اجل البلاد، ومن اجلها نفسها». وابلغت الزعيمة المعارضة المحرومة من الهاتف والانترنت منذ سبع سنوات، انها ترغب في التواصل مع شبان العالم عبر موقع تويتر للمدونات القصيرة.