أوضح المدير العام كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفيكياناكيس، رداً على سؤال حول مدى ضرورة قيام السعودية ودول مجلس التعاون بقراءة جديدة لمعطيات الاقتصاد العالمي تأخذ في الاعتبار الدور الجديد للصين، أن بكين تلعب دوراً مهماً في المنطقة منذ ما يقارب العقد من الزمان، فقبل تسع سنوات كان نصيب الصين لا يتجاوز 3 في المئة من صادرات المملكة، لكنها أصبحت الآن الشريك الثاني للسعودية بعد الولاياتالمتحدة، إذ أصبحت تستقبل نحو 13 في المئة من الصادرات السلعية للمملكة. كما أصبحت الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم وثالث أكبر مستورد للخام، إذ يعتمد أمن الطاقة لديها على التدفق المستمر للخام من الشرق الأوسط، فيما يميل ميزان التجارة بين دول التعاون والصين لمصلحة الأولى بسبب اعتماد الصين على الواردات النفطية. ووفقاً لاسفيكياناكيس فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 70 بليون دولار في العام 2008 بفائض 14 بليون دولار لمصلحة دول مجلس التعاون، وعليه فقد بلغت صادرات الصين 28 بليون دولار معظمها سلع استهلاكية، كما أن دول التعاون وحدها تلبي 55 في المئة من حاجات الصين من النفط. ويؤكد بو حليقة أن وجود وتنامي قوة الصين إيجابي على جميع المستويات بالنسبة إلى دول مجلس التعاون، لأنها لا تنافس دول الخليج، كما أن الصين بلدوزر اقتصادي قادم، وطوال الوقت كان لدى المملكة اهتمام لتنمية التعاون الاقتصادي معها، والصين مهتمة استراتيجياً بدول مجلس التعاون. وحول انعكاسات انخفاض عملتي الولاياتالمتحدة والصين أكبر الشركاء التجاريين على السياسة النقدية في السعودية ودول مجلس التعاون، يقول اسفيكياناكيس، إن أي ضعف هيكلي للدولار وما يتبعه من إمكان تحول دول المجلس من الدولار عملة مفضلة لوارداتها السلعية، قد يؤدي مجدداً كي تفكر هذه الدول في ارتباط عملاتها بالدولار، لكن يستدرك اسفيكياناكيس قائلاً: «لا أرى مثل هذا التحول أو أي خطوة لإعادة تقويم العملات الخليجية في الأمد القريب» أما بالنسبة إلى الصين فإن ارتفاع اليوان الصيني قد يقود إلى ارتفاع أسعار المنتجات الصينية ومع ذلك لا نتوقع أن تفقد المنتجات الصينية قدراتها التنافسية في أسواق المملكة والخليج. فمنذ العام 2005 ارتفع اليوان بنسبة 20 في المئة، كما ارتفع بما نسبته 3 في المئة منذ آب (أغسطس) الماضي، وما زالت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية ومعظم أقطار مجلس التعاون الخليجي. ونوه اسفيكياناكيس بأن معظم الأدوات المتاحة في دول مجلس التعاون في الوقت الراهن هي أدوات مالية وليست نقدية، ما يعني أن ترتبط أسعار الفائدة في هذه الدول بأسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة، والتي يمكن أن تحقق في الوقت الراهن أهدافاً جيدة. وأشار إلى ضرورة تبني هذا الارتباط كأولية لكل بنوك دول مجلس التعاون للمساعدة في تحقيق النمو الاقتصادي، خصوصاً لجهة إنعاش الإقراض للقطاع الخاص عوض مكافحة التضخم الذي نراه في مستويات منخفضة. ورداً على سؤال حول ما الذي يجب عمله على الصعيد العالمي لإعادة الاستقرار للأسواق النقدية، يقترح اسفيكياناكيس مراقبة العجز التجاري لكل دولة على حدة، من خلال صندوق النقد الدولي لكن «على الصندوق القيام بإصلاح يعيد الدول الناشئة إلى النظام الاقتصادي العالمي ويجعلها خاضعة للمحاسبة حيال النتائج السلبية لمواقفها في مقابل حوافز لاستهلاك منتجاتها في أسواقها الداخلية، كما يمكن لتلك الإصلاحات أن تتضمن خططاً لدفع الولاياتالمتحدة لإنتاج مزيد من السلع والخدمات». ورأى أن إصلاح صندوق النقد الدولي سيؤدي إلى مزيد من الفاعلية في عمله ومصداقيته، كما سيمكنه من أداء المهام المناطة به لتعزيز أداء النظام النقدي والمالي العالمي، موضحاً أنه «يمكن للصندوق العمل كشرطي مالي للعالم، لكن بشرط أن تفسح الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة المجال له وهي التي ظلت تقف ضد تبني أي ميثاق لضمان استقرار التجارة العالمية بهدف الحد من عجز الموازنات وفوائض الحسابات الجارية إلى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة». وأشار إلى أنه «يمكننا القول إن عصر إملاء الأوامر قد ولى، كما أن أوضاع أعضاء مجموعة العشرين تغيرت الآن، ولم يعد في الإمكان تبني حل واحد لمشكلات الاقتصاد العالمي في عالم اليوم».