تتنوع طرق وأساليب العمل الدعوي للمجتهدين تطوعاً، فكثير منهم بعد أن يقوم بما يريد تجاه فرد أو جماعة، يتبع عمله بتقديم شريط أو كتيّب ديني، على أمل تناوله إما باستماع وإما بقراءة، ولا سيما أن ما يقدّم عادةً يحمل ذات الأفكار والرسائل التي ينادون بها، سواء كانت في محل القبول أو الرفض. وتظهر في تلك الرسائل والإنتاجات التي تجد الحرص على توزيعها في كثير من الأحيان، أساليب الوعيد والتحذير من الوقوع في المعاصي والذنوب، وإبراز جانب العذاب القائم على الترهيب، على جانب التبشير القائم على الترغيب، الأمر الذي يعتبره كثير من المتلقين له يسهم في بث اليأس في النفس، في الوقت الذي يفترض فيه العمل على بث الأمل إليها. ويطغى التركيز على الحديث حول الموت والعذاب، أو تناول أمر طارئ وحدث جديد يحمل معه لغة التحذير، على الحديث حول الحياة وأمور الدنيا والتحفيز عليها، إذ تغيب كثير المواضيع الأسرية مثلاً، التي تتعاطى الجوانب التي من شأنها إيجاد الاستقرار الأسري والحياة السعيدة، وتتواصل ذات المواضيع التي تقف عند قضايا يكثر الحديث حولها في كثير من المواضع، مثل الخطب والمحاضرات والملتقيات الدينية، حتى أصبحت الصورة الذهنية المكوّنة لدى كثير من الناس حول كثير ممن اتخذوا العمل الدعوي طريقاً لهم، تقتصر على كونهم مهتمين كثيراً بشأن بث الوعيد والرهبة. ويظهر التساؤل جلياً حول الأسباب التي تدعو إلى تجاهل الحياة إلى حدٍ ما، وكأنها لا تستوعب سوى الخوف من الآخرة فحسب، ويظهر في مقابل ذلك أن من الممكن أن تكون سهولة العمل الدعوي الاحتسابي القائم على هذا الشأن هي التي أدت إلى وضوحه وظهوره بشكل مكثّف، ولا سيما أن الأمر لا يحتاج سوى استحضار بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وبعض العبارات التي يسهل معها الوصول إلى ذهن مستمعها، وهذا ما قد يفسّر وجود عدد كبير من الدعاة الذين يسلكون هذا الاتجاه. وربما يعزا السبب في رؤيتهم استبعاد «لغة الترغيب» لما يعتبرونه تهاوناً من الناس في شؤون دينهم، ظناً منهم أن التقدّم الحضاري والعولمة، أبعد الناس عن أمور دينهم، ما يجعل هناك حاجة ضرورية لترهيبهم وتذكرتهم. وبين كل ذلك يطلّ ميل كثيرين إلى تلقّي الرسائل الدينية من خلال المساجد أكثر من تلقّيه عبر شاشة التلفاز والمواقع الإلكترونية، وعادةً ما تكون مواعظ المساجد أكثر شدّة من أماكن أخرى.