تبوأت المملكة العربية السعودية مركز الصدارة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتبارها الأفضل في سهولة ممارسة نشاطات الأعمال. وركزت المملكة على أربعة من مجالات الإجراءات الحكومية المنظمة لنشاطات الأعمال بالنسبة إلى الشركات المحلية في العام الماضي، إذ اعتمدت إجراءات مبسطة وسريعة لمنح تراخيص البناء. كما افتتحت محطة حاويات جديدة في ميناء جدة الإسلامي، وعززت مرونة الإقراض المكفول بضمانات، وسرّعت إجراءات القدرة على السداد من طريق تسهيل التوصل إلى تسويات ودية في وقت مبكر. وأشار تقرير «ممارسة الأعمال 2011: من أجل مساندة أصحاب العمل»، الى أن السعودية تبوأت المرتبة 11 من بين 183 بلداً على مستوى العالم. ويأتي تقرير هذا العام محملاً بأخبار سارة عدة لدول المنطقة، فقد أشادت مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي - اللذان يصدران التقرير سنوياً - بمصر أيضاً. اذ واصلت تحسين ترتيبها في التصنيف العالمي على أساس سهولة ممارسة نشاطات الأعمال، وتقدمت خمس مراتب عن العام الماضي لتحتل المركز 94 في العالم. ويذكر أن مصر اعتمدت في العام الماضي نظاماً إلكترونياً لتقديم مستندات التصدير والاستيراد إلى مصلحة الجمارك، ما أدى إلى تسهيل التجارة عبر الحدود، وخفضت الكلفة اللازمة لتأسيس الشركات وبدء النشاط التجاري. وجاء تحسين أنظمة المعلومات الائتمانية باعتباره من الإصلاحات الأكثر شيوعاً في المنطقة، إذ أجري في خمسة بلدان هي إيران والأردن ولبنان وسورية والإمارات. وتبوأت تونس مركز الصدارة في مجال تحسين إجراءات دفع الضرائب، إذ اعتمدت أنظمة إلكترونية تتيح السداد من خلال شبكة الإنترنت، وحدّثت نظام التبادل الإلكتروني للبيانات الخاصة بعمليات التصدير والاستيراد. وأوضحت المستشارة الأولى للاستراتيجيات في البنك الدولي في واشنطن وإحدى المشاركات في إعداد التقرير داليا خليفة، ان التكنولوجيات الحديثة تشكل ركيزة الممارسات الإجرائية في مختلف دول العالم، فالتكنولوجيا تؤدي إلى تسهيل الالتزام بالإجراءات والتشريعات، وخفض الكلفة، وزيادة الشفافية. ورداً على سؤال «الحياة» عن قدرة التكنولوجيا الحديثة على تطويق الفساد بقدر الإمكان، أجابت ان إجراءات بدء الأعمال، وتسديد الضرائب من خلال الإنترنت، تحسن بيئة الأعمال كثيراً، مؤكدة أن معظم الإصلاحات التي طرأت على مجال ممارسة الأعمال في المنطقة حدثت بفضل التكنولوجيا المستخدمة. ويذكر أن التقرير لا يقيس بيئة الأعمال من سائر جوانبها، إذ لا يتطرق إلى عوامل عدة مهمة كالأوضاع الأمنية، واستقرار الاقتصاد الكلي والفساد. وعلى رغم أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسّطت إجراءات تأسيس الشركات من طريق التكنولوجيا الجديدة، يشير التقرير إلى أن الإفادة من الخدمات الإلكترونية لا تزال منخفضة مقارنة بمناطق العالم الأخرى. وأدى تبسيط إجراءات تسجيل الشركات الجديدة إلى زيادة عددها، لا سيما في كل من الأردن والمغرب، نتيجة انخفاض الحواجز المعوقة لذلك. وتبوأت المنطقة بأسرها مكانة الصدارة في العالم من حيث سرعة إجراءات استخراج تراخيص البناء، وصار متوسط الوقت اللازم 41 يوماً فقط، ما يجعلها الأسرع على مستوى العالم. كما تقود المنطقة وتيرة الإصلاح في مجال الحصول على الائتمان، وتتبوأ المكانة الثانية في هذا المجال، وتتصدر مجال تسديد الضرائب للعام السادس على التوالي. وقال رئيس قطاع تحسين نشاطات الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة التمويل الدولية شريف حمدي، أن عدداً كبيراً من دول المنطقة بدأ في بذل جهود لتحسين مناخ الاستثمار، مؤكداً رغبة المؤسسة في العمل مع حكومات هذه الدول لدعم خطط الإصلاح، لا سيما في ما يختص بالتجارة عبر الحدود. ووفقاً للتقرير، تصدّر تسهيل التجارة عبر الحدود قائمة الأولويات، إذ قامت ست دول في المنطقة بتحديث إجراءاتها الجمركية والبنية التحتية لمرافئها، وهي البحرين ومصر والسعودية وتونس والإمارات والضفة الغربية وقطاع غزة. ويؤكد المدير الإداري للخدمات الاستشارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة التمويل الدولية لوك هاغزتي أن المنطقة مؤهلة تماماً لأن تكون مركز العالم في مجال التجارة عبر الحدود، لا سيما أنها تقع عند تقاطع ثلاث قارات، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد لتسهيل عمليات التصدير والاستيراد وتبسيطها، إضافة إلى الوصول لآليات أفضل لحل النزاعات التجارية. ورأى رئيس هيئة الرقابة المالية في مصر زياد بهاء الدين ان التقرير، باستثناء المؤشرات العشرة التي يقيسها في دول العالم، لا يضيف جديداً في ما يختص بأوضاع الدول الاقتصادية ومن ثم الاجتماعية. وقال: «هذا ليس تقليلاً من شأن التقرير، لكنه محاولة لوضعه في حجمه الصحيح. فإذا أظهر تحسن المؤشرات المرتبطة بعالم الأعمال تحسن قدرات دولة ما، فهذا لا يعني أن معدلات الفقر في هذا البلد قد تحسنت». واعتبر أن الاحتفال الحقيقي المصاحب لصدور مثل هذا التقرير في مصر يجب أن يكون بالثناء على نجاحه في أن يدفع ب 25 جهة وهيئة حكومية إلى التعاون في اجتماعات الإعداد والتجهيز. يذكر أن تقرير ممارسة نشاطات الأعمال يحلل الإجراءات الحكومية المطبقة على منشآت الأعمال في الدول المختلفة أثناء مراحل عملها، منها بدء النشاط التجاري، والتجارة عبر الحدود، ودفع الضرائب، وتصفية النشاط التجاري.