كوسجو (السويد) - أ ف ب - يشق ستيفان نوردستروم طريقه في الغابة بخطى صامتة بين الثلوج، حاملاً بندقية لتعقب حيوانات الإلكة، وهي الهدف المفضل لآلاف الصيادين في فصل الخريف. انها الثامنة صباحاً، وبزغت الشمس لتوّها فوق غابات شجر التنوب والبتولا في نورلاند، على بعد 250 كيلومتراً الى جنوب الدائرة القطبية. كل موسم، بين أوائل أيلول (سبتمبر) ونهاية كانون الثاني (يناير)، ينطلق نحو 270 ألف صياد لتقفي آثار الإلكة. ويقتلون أكثر من 80 ألفاً من هذه الحيوانات سنوياً في غابات السويد، أي بين خمس وربع أعداد هذا النوع الكبير من الأيائل في هذا البلد الاسكندينافي، وفقاً للاتحاد السويدي للصيادين. ويشرح ستيفان الذي قتل أول حيوان إلكة عندما كان في العشرين من عمره: «تكفي رصاصة واحدة إن أصابته في المكان المناسب. يتابع الحيوان سيره عادة لنحو خمسين متراً ثم ينهار». هناك طبعاً بعض الاستثناءات التي لا تنسى، فصديقه بيتر احتاج الى خمس رصاصات للقضاء على الحيوان. هذا المتعهد البالغ من العمر 61 سنة ومجموعة صياديه لا يسمح لهم هذه السنة إلا باصطياد 10 أيائل إلكة بالغة و10 أيائل صغيرة على أرض مساحتها 60 ألف هكتار حول بحيرة كوسجو بالقرب من فيندلن، وهي قرية قليلة السكان شمال السويد. وهكذا تبدأ فترة انتظار طويلة وصامتة لا يتخللها إلا نباح بعض الكلاب في البعيد وبعض الكلمات التي يتبادلها الصيادون لاسلكياً، وهم موزعون في نقاط استراتيجية مختلفة من الغابة. لا تهز أشجار التنوب نسمة هواء، وبعد أكثر من ساعتين من الانتظار وسط البرد القارس حيث تصل الحرارة الى خمس درجات دون الصفر، لا أثر للأيل الكبير. وفجأة يسمع حفيف أوراق. يصوب ستيفان بندقيته، وإذ بأنثى إلكة تخرج من بين الشجيرات متجهة نحوه وتمر على بعد خمسة عشر متراً فقط من موقعه. لا يطلق ستيفان النار، فقد قتل حتى الآن عدد كبير من ايائل الإلكة البالغة ولا يسمح إلا باصطياد صغار الإلكة المولودة في الربيع. فالقوانين السويدية تسمح بذلك لإقامة توازن بين حيوانات الإلكة البالغة الخصبة والإلكة الصغيرة، وإلا لن يكون عدد الولادات متوازناً في الموسم التالي. يقول مخفضاً ماسورة بندقيته: «حظي عاثر». لكن ما يعزيه هو وجود حيوان إلكة يزن 250 كيلوغراماً مسلوخ الجلد ومفرغاً، معلقاً في كوخ الصيد الخشبي، وهو ثمرة صيد أوفر حظاً. سيبقى لحمه معلقاً نحو عشرة أيام لجعله أكثر طراوة. ويشرح ستيفان وهو واقف الى جانب الصيادين الآخرين الذين يدردشون فيما يمضغون بعض لحم الإلكة المقدد: «حيوان الإلكة البالغ يزن عادة 400 كيلوغرام. لكن يمكن أن يصل وزنه الى 800 كيلوغرام، ونصف هذا الوزن من اللحوم». وتضم روسيا أكبر عدد من حيوانات الإلكة الأوروبية، تليها السويد، وهذه الأيائل موجودة أيضاً في النروج وفنلندا ودول البلطيق. وعلى قصاصة من مجلة ملصقة على الحائط يظهر فيها صياد إلكة أمام برج مراقبة، كتبت عبارة «آخر معاقل الرجال». وعلى رغم أن بعض النساء يجرؤون على خوض هذا المجال، فإن صيد الإلكة لا يزال الى حد كبير حكراً على الرجال، حتى في السويد المعروفة بأنها من أشد الدول دفاعاً عن حقوق المرأة.