خلافاً للمعتاد في أمسيات التأبين، كان حفل الوداع الذي نظمته مجموعة من أصدقاء الأديب السعودي الراحل وزير العمل الدكتور غازي القصيبي في لندن مساء أول من أمس، محملاً بذكريات باسمة عن الرجل الذي أجمع المتحدثون على أنه قامة «استثنائية» يبدو العرب في أمس الحاجة إليها. واحتشدت قاعة «تشاتام هاوس» في وسط العاصمة البريطانية بعشرات من محبي القصيبي وأصدقائه من مختلف الجنسيات، جاء بعضهم إلى لندن خصوصاً لحضور الأمسية التي استمرت نحو ثلاث ساعات بحضور نجل الفقيد فارس وابنة أخيه لبنى. وكشف الصحافي العربي عثمان العمير إن ملك البحرين حمد بن عيسى تبرع بأرض بين البحرين والسعودية، لبناء مَعْلَم يجسّد ما فعله غازي القصيبي من إنجازات طوال حياته. وأكد العمير أن الفكرة التي اقترحها بالتشاور مع عائلة غازي بعد وفاته، «هي أن يكون غازي موجوداً دائماً بأفعاله وإنجازاته وليكون مثالاً للأجيال الحالية والمقبلة». ووصف غازي بالشخصية النادرة والاستثنائية في العالم العربي، مؤكداً أننا نحتاج لمئات السنين ليخرج من أمتنا مَنْ هو مثل غازي. وقال السفير الكويتي خالد الدويسان إن علاقته مع القصيبي استمرت لسنوات طويلة خلال عملهما المشترك في لندن. وزاد أن لندن شهدت ميلاد 12 كتاباً لغازي القصيبي خلال فترة الأعوام العشرة التي قضاها فيها، معتبراً غازي شخصاً استثنائياً بكل المقاييس. وتذكر السفير محمد عبدالحليم جهود غازي في تأسيس كرسي الملك فهد للدراسات الإسلامية في جامعة لندن في 1995. وقال إن هذا الكرسي «نتج من تأسيسه في ما بعد تطوّر العمل الإسلامي وإنشاء مركز الدراسات الإسلامية في العاصمة البريطانية، وكلها كانت بجهود ومشورة وتدخل غازي». وعرج السفير محمد شاكر على انطباعات غازي عن لندنالمدينة التي جاءها طالباً لا يملك أجرة التاكسي، وسفيراً يتنقل فيها على أفخم السيارات المصفّحة. وقال: «إن أهم روايات غازي وهي «شقة الحرية» صدرت من عاصمة الضباب، كما أن كتابه «قراءة في وجه لندن» ومن بعده كتاب «الأسطورة» عن الراحلة ديانا، كانا من الكتب التي يعتز بها القصيبي كثيراً وصدرت خلال إقامته في لندن». وتحدث في الأمسية مدير المركز الإسلامي في لندن أحمد الدبيان، وسفير السعودية لدى «اليونيسكو» زياد الدريس الذي وصف هزيمة غازي في انتخابات «اليونيسكو» في 1999 بالهزيمة لكل العرب. وقال: «إن شهرة اليونيسكو زادت بعد أن دخل انتخاباتها غازي القصيبي»، مضيفاً أنه على رغم هزيمة غازي في الانتخابات، إلا أنه عاد إلى «اليونيسكو» في 2008 بأمسية صفّق لها أكثر من ألف مثقف وعامل في المنظمة. وتذكّر رئيس تحرير «القدس العربي» عبدالباري عطوان مواقفه مع غازي، الذي كان يرسل التمر وماء زمزم إلى صحيفته على رغم اختلافها مع بعض السياسات السعودية. وقال: «إن غازي ألقى صخرة كبيرة حرّكت المياه الراكدة في الوسط الثقافي في العاصمة البريطانية». وذكر أن غازي كان «يتبرع من جيبه الخاص لكثير من الطلبة، الذين يعرف أن لديهم مشكلات مالية، كما امتدت يده إلى كثير من الأدباء والمثقفين العرب المقيمين في لندن». وقرأ جهاد الخازن بعض الإخوانيات التي دارت بينه وبين القصيبي، فيما فاجأت مقدمة الحفلة الزميلة بارعة علم الدين الحضور بقراءة رسالة من الأمير تشارلز إلى عائلة القصيبي، ذكر فيها أن غازي أثّر فيه شخصياً، وأنه تعلّم من غازي عظمة تعاليم دين الإسلام، من خلال لقاءاته أو زياراته للسعودية والتي يكون فيها القصيبي مرافقاً له.