تنطلق فعاليات «الملتقى الثاني للجمعيات الخيرية في المملكة»، اليوم، بعد مرور تسعة أعوام من هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وثمانية أعوام على انعقاد أول مؤتمر للجمعيات الخيرية، التي يقدر عددها في السعودية بنحو 700 جمعية. ويكتسب الملتقى الثاني، الذي يقام برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع جمعية البر في المنطقة الشرقية، أهمية خاصة، كونه يبحث موضوع «تنمية الموارد المالية» للجمعيات الخيرية، الذي شهد خلال العقد الماضي، وضع أنظمة وقوانين لتنظيمه ومراقبته من جانب الجهات الرسمية. واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين، الملتقى، الذي يعقد في فندق «ميريديان الخبر»، على مدى يومين، «امتداداً لما تلقاه مؤسسات العمل الخيري وجهاته، من رعاية ودعم مادي ومعنوي من القيادة، ما يعطي الجمعيات الخيرية والعاملين فيها، مزيداً من الحوافز لبذل أقصى الجهود لخدمة العمل الخيري، وتحقيق أهدافه». وأشار إلى أن أبرز توصيات الملتقى الأول، الذي عُقد في مركز «الملك فهد الثقافي» في الرياض في العام 1423ه، «الاستمرار في إقامة الملتقيات، لما فيها من نفع كبير في استعراض التجارب الناجحة للجمعيات والمؤسسات الخيرية، والعمل على تذليل ما يواجهها من معوقات». ويركز الملتقى الثاني على «تنمية الموارد المالية»، التي شهدت في أولى سنوات ما بعد «11 سبتمبر»، وضع أنظمة وقوانين، هدفت إلى «الحد من محاولة اختراق تنظيم «القاعدة» الجمعيات الخيرية من أجل الأستفادة من أموال التبرعات الخيرية». ومن بين أبرز الأنظمة، التي صدرت في العام 2003، «إلزام الجمعيات بتقديم تقارير ربع سنوية عن موازناتها، إلى وزارة العمل، تُعد تحت إشراف مكاتب محاسبة، تعمل على تدقيق الحسابات». وفي العام ذاته اتخذت المملكة إجراءات، تهدف إلى فرض مزيد من الرقابة على الجمعيات. وشكلت المملكة، هيئة لمراقبة الجمعيات الخيرية في العام 2002. وأعلن النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، حينها، إنشاء «الهيئة السعودية العليا للإغاثة والأعمال الخيرية»، لتنطوي تحتها الأعمال الإغاثية كافة، ولتكون «على بينة تامة من وصول المساعدات إلى المستفيدين منها مباشرة وللأغراض التي خُصصت لها فقط». وأتى تشكيل الهيئة لقطع «التمويل عن الجماعات الإرهابية». كما درست وزارتا الداخلية والشؤون الإسلامية، إضافة إلى المؤسسات الخيرية الإغاثية، وضع آلية لمنح تراخيص الجمعيات الخيرية، وإيجاد مرجعية موحدة لمؤسسات العمل الخيري، التي تمارس نشاطها في الخارج». ووجّه الأمير نايف، ب«وضع لائحة تنظيمية لعمل المؤسسات، تضمن تنسيق الجهود بين المؤسسات الخيرية والدعوية والإغاثية، التي تمارس نشاطها في الخارج، وبين الوزارات والإدارات الحكومية والأجهزة الأمنية. وتتضمن إصدار ومنح التراخيص للمؤسسات الخيرية، ومراقبة عملها وتسهيل مهمتها خارج السعودية، من خلال ربطها في السفارات».وجمدت المملكة، في العام 2002، بعد ستة أشهر من «11 سبتمبر»، أرصدة فرعي «مؤسسة الحرمين الإسلامية» في الصومال والبوسنة، ضمن جهودها لمكافحة الإرهاب. فيما نفت «المؤسسة» على لسان نائب مديرها العام منصور القاضي، الاتهامات الأميركية لها بدعم الإرهاب. وتدير المؤسسة أكثر من 40 مكتباً في أنحاء العالم، وتتلقى أكثر من مئة مليون ريال من المتبرعين. ويأتي التشدد السعودي تجاه الجمعيات الخيرية، نتيجة استغلال الجماعات الإرهابية لصناديق التبرع، وبخاصة أن مصادر مطلعة تقدر أن نحو 30 في المئة من الصناديق الموزعة لجمع التبرعات «ربما تقع في أيدي جماعات إرهابية. أو أنها غير خاضعة للرقابة، أو يتم استغلال ضعف التنظيم من جانب الجمعيات الخيرية، ما ساعد الإرهابيين على جمع تبرعات مالية كبيرة، وبخاصة في المدن الرئيسة التي تتأثر بالمساهمات الخيرية». وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن «الإرهابيين أنفقوا نحو 15 مليون دولار، في عمليات شراء الأسلحة والذخائر وغيرها». ودخل مجلس الشورى، على خط مواجهة «الإرهابيين»، عبر المطالبة بوضع أنظمة وعقوبات مشددة ضد من «يستغل المؤسسات الخيرية والإصلاحية في جمع تبرعات لدعم الإرهاب أو في عمليات غسل الأموال».