بعد نحو عامين من التنقل بين دار الحماية الاجتماعية، وسجن بريمان في جدة، تخطت سمر بدوي، ظهر أمس، عتبة السجن وأبصرت نور الشمس، من دون ان ترافقها سجانة، وهي مكبلة القدمين واليدين. فلقد تقرر الإفراج عنها، والسماح لها بالإقامة مع أحد أعمامها، إثر رفع والدها عليها قضية «عقوق»، فيما رفعت هي بدورها عليه قضية «عضل»، وطالبت بنزع ولايته عنها. إذ كشفت مصادر مطلعة ل«الحياة» أن المحكمة الجزئية في محافظة جدة قررت أمس (الإثنين) تسليم الفتاة (سمر بدوي) المحتجزة في «سجن بريمان» إلى «عمها»، بعد أن أبلغ رئيس المحكمة عبدالله العثيم أسرة الفتاة بأنه لن يبقيها في السجن من دون سبب مقنع. وأشارت إلى أن جهود الصلح التي قادها العثيم أسهمت في إنهاء القضية بتسليمها إلى عمها، تمهيداً لإغلاق ملف القضية التي استمرت لأعوام، بعد عقد جلسات عدة للصلح في القضية بحضور جميع أطرافها بمن فيهم «الفتاة الهاربة» ومحاميها، عرض خلالها الصلح وإنهاء القضية وتسلم الأب ابنته وتزويجها وإغلاق هذا الملف تماماً. ولم تكشف المصادر ما حدث خلال جلسة يوم أمس (الإثنين) التي عقدت لإنهاء القضية، لكنها أكدت أنه تم التوصل إلى إطلاق سراح الفتاة وتسليمها إلى عمها، بعد أن تم تخييرهم بالصلح أو إطلاقها من السجن وتحويلها إلى دار الحماية الاجتماعية ومن ثم تزويجها بحسب الأنظمة المعمول بها في هذا الشأن. وأكدت سمر، في اتصال هاتفي مع «الحياة»، فور خروجها من السجن، أنها لن تنسى «ما حييت، لحظة أن تدفق ضوء شمس ظهيرة جدة إلى عيني. كما لن أنسى السعادة التي صافحت قلبي في هذه اللحظة، وأنا أخطو إلى عالم بلا أسوار، أو سجانات. فيما قال وكيلها القانوني وليد أبو الخير، ل»الحياة»: «إن سمر ستقيم مع أحد أعمامها»، نافياً إمكانية عودتها إلى دار الحماية الاجتماعية. وأكد استمراره في متابعة بقية قضاياها المنظورة في المحكمة، مثل «قضية العضل». وأرجع سبب الإفراج عنها إلى «الدور الكبير الذي لعبه كل من التحرك القانوني، إضافة إلى تعاطف الناس». وسبق أن أكدت مصادر ل«الحياة» أن الفتاة اعترفت ل«لجنة التحقيق» بتلقيها اتصالاً أثناء وجودها في «دار الحماية» من رئيس مجلس إدارة حماية الأسرة، التي طلبت منها عدم النزول إلى الإدارة لوجود «سجانة» تريد اصطحابها، وأن الرئيسة أخبرت «السجانة» أن الفتاة في المستشفى وانتظرتها فترة طويلة حتى يئست من حضورها فذهبت. وأضافت (أثناء التحقيق معها في وقت سابق) أنها لم تذهب إلى المستشفى ولم تكن مريضة أبداً وإنما تعاطفت معها رئيس مجلس إدارة دار الحماية كونها على اطلاع بظلم والدها لها، إذ هدفت بذلك إلى تأجيل الموضوع حتى إيجاد حل يحول دون دخولها السجن، ما دفعها إلى إخراجها من الباب الخلفي للدار وذهبت معها موظفة بصحبتها ورقة ممهورة بتوقيع رئيس «الحماية» لأخذ تقارير طبية مزيفة لإسكات السجانة في حال عادت مرة أخرى، مشيرة إلى أن الرئيس دفعت مبالغ مالية مقابل الحصول على تقارير طبية من عدد من المستوصفات. وكانت لجنة تحقيق شكلت لكشف ملابسات القضية أوضحت أن رئيسة مجلس إدارة حماية الأسرة (تحتفظ «الحياة» باسمها) اعترضت في البداية على كلمة تحقيق، واتضح للجنة مراوغتها في محاولة للتنصل من المسؤولية على رغم توجيه الاتهامات لها مع جميع المشمولين بالتحقيق في القضية. وخلصت لجنة التحقيق في قضية هرب الفتاة إلى اتهام عددٍ من الموظفات في دار الحماية الاجتماعية في مكةالمكرمة أبرزهن رئيس مجلس إدارة حماية الأسرة ومشرفة دار الحماية، ومحامية «الجمعية»، ومديرة دار الحماية سابقاً، إضافة إلى والد الفتاة ووكيلها الشرعي كونهم كانوا سبباً في هربها من الدار العام الماضي. وسمر بدوي (32 سنة)، وهي أم لطفل في السابعة من العمر (البراء)، كانت تقيم مع أخيها، بعد طلاقها من زوجها السابق، بضغوط من والدها. وبعد مشاكل حدثت معه، رفعت عليه قضية «عضل» في المحكمة الجزئية في جدة، مطالبة برفع ولايته عنها، بسبب رفضه تزويجها، واستيلائه على أموالها، وضربها. وعلى رغم صدور حكم لصالحها، قضى ب»تعزير» والدها، بسبب «إساءاته إليها». ورفضت سمر الجزء المتعلق بالتعزير، إلا أن والدها رفع من جانبه قضية «عقوق» في المحكمة ذاتها لدى قاض آخر، الذي أصدر حكماً لصالح الأب، وأمر بسجن ابنته. كما أصدر القاضي الأول حكماً لصالحها في قضية «العضل»، وأمر بتزويجها. ولكن ألقي القبض عليها فور خروجها من جلسة النطق بالحكم، لتدخل إلى السجن، تنفيذاً لحكم القاضي الثاني، المتعلق في «العقوق».