علمت «الحياة» أن خلافات نشبت بين قيادات في فرع «داعش» في شمال سيناء في مصر، سببّت انشقاقات عن التنظيم بسبب عملية نقل قيادة التنظيم في أعقاب مقتل قائده السابق أبو دعاء الأنصاري، في آب (أغسطس) الماضي. وقالت مصادر قبلية في شمال سيناء ل «الحياة» إنها علمت «أن مسلحين انشقوا عن التنظيم وتواروا خشية قتلهم من قبل أعضاء التنظيم المسلح. بعضهم أغضبهم نهج القيادة الجديدة للتنظيم، خصوصاً قتل النساء بعد خطفهن، وأيضاً قتل الشيخ الصوفي البارز سليمان أبو حراز قبل أسابيع». وكان قائد فرع التنظيم الجديد المُكنى أبو هاجر الأنصاري، أقر في حوار مع أحد إصدارات التنظيم بحصول «انشقاقات» في التنظيم، قائلاً: «تم التعامل معها بالحجة والبيان». وأثارت عملية الإعلان عن القائد الجديد لفرع التنظيم في شمال سيناء تساؤلات حول وجود خلافات بين قياداته الرئيسة، إذ كان الجيش أعلن في آب الماضي قتل قائد التنظيم المُكنى أبو دعاء الأنصاري ومجموعة من أبرز مساعديه، من دون تحديد هويتهم. وأقر التنظيم في بيان بقتل قائده، وأعلن تولي الشيخ أبو عبدالله القيادة خلفاً له. ووسط معلومات عن خلافات بين قيادات التنظيم، نشرت إحدى إصدارات «داعش» حواراً مع شخص، كُنيته أبو هاجر الهاشمي، قالت إنه قائد فرع التنظيم الجديد في شمال سيناء، فيما بدا أنه دعم من قيادة التنظيم الرئيس للهاشمي في هذا الصراع. وفُهم من مجريات الحوار أن الهاشمي ليس الشيخ عبدالله، لكن لم تُعلن «داعش» مصير الأخير. والهاشمي هو رابع قائد لفرع «داعش» في سيناء، إذ كان أعلن وزير الداخلية المصري السابق محمد إبراهيم أن قائد التنظيم يُدعى توفيق فريج، كما قال نائب رئيس تنظيم «كتائب الفرقان» هاني عامر، الذي تم إعدامه في أيار (مايو) الماضي ضمن محكومين بالإعدام لتورطه في هجمات إرهابية نفذها ما عُرف ب «خلية عرب شركس»، إنه التقى فريج وعرف نفسه بأنه زعيم «داعش» في سيناء، وأنه طلب من قائد «كتائب الفرقان» الانضمام إلى تنظيمه مقابل عضوية في مجلس شورى الجماعة، لكن الأخير رفض. وفي قضية «أنصار بيت المقدس» قال موقوفون إنهم بايعوا شخصاً يُدعى «أبو همام الأنصاري»، قائداً للتنظيم، يُرجح أنه «أبو دعاء الأنصاري» الذي قُتل، ومن بعده أعلن التنظيم عن أسم الشيخ عبدالله، وأخيراً اسم أبو هاجر الهاشمي. وكشفت تحقيقات تلك القضية الهيكل التنظيمي لفرع «داعش» في سيناء، ومن ضمنه أبو هاجر مسؤول «الانتحاريين»، لكن ليس معروفاً إن كان هو ذاته أبو هاجر الهاشمي. ودلت تلك التحقيقات على أن عناصر «داعش» لا تعرف هوية قائد التنظيم، وأن شخصاً كُنيته أبو عمر يتولى نقل التعليمات إلى مسؤولي الخلايا في التنظيم، وهم ينقلونها إلى العناصر. وقال الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل البحيري، ل «الحياة»، إن الحوار الذي أجراه «أبو هاجر الهاشمي» مع أحد إصدارات تنظيم «داعش» يدل على أن الحملة العسكرية ضد التنظيم أثرت في شكل كبير على طرق التواصل بين قيادته وعناصره. وأضاف: «الدلالة الأولى للحوار أن الاتصالات انقطعت بين مجموعات التنظيم داخل سيناء بفعل الضربات التي تلقتها في الآونة الأخيرة، خصوصاً في الشيخ زويد ورفح، فبات إعلان الخطة العامة للفرع يتم عن طريق إصدارات التنظيم الأم، عبر طرح تلك الخطة من قبل رأس التنظيم من خلال وسائل إعلام «داعش» على أن تتولى العناصر تنفيذها». واتضح هذا النهج في الهجوم الأخير الذي شنته عناصر التنظيم يوم الجمعة الماضي على مكامن للجيش في شكل متزامن، لكن الجيش أحبطه وقتل تسعة من المهاجمين. وكان الهاشمي قال في حواره إن على مسلحي التنظيم مهاجمة مكامن الجيش التي تنتشر في شمال سيناء بكثافة وقتل الجنود واغتنام السلاح واستخدامه في الهجوم على مكامن أخرى. وأشار البحيري إلى أن «رأس التنظيم يظل قادراً على التواصل مع قيادة التنظيم في الخارج عبر وسائل اتصالات متطورة جداً... سبق للجيش أن ضبط كميات من وسائل اتصال عبر الأقمار الاصطناعية متطورة للغاية في شمال سيناء، ومثل تلك الوسائل تكون خاضعة لسيطرة رأس التنظيم». وعبر البحيري عن اعتقاده بأن الشيخ عبدالله وأبو هاجر الهاشمي ليسا نفس الشخص. وقال إن الفترة الضيقة جداً ما بين الإعلان عن قيادة الأول ومن بعده الثاني، تشير إلى أن الشيخ عبدالله قد يكون قُتل في إحدى هجمات الجيش أو أن خلافات حادة نشبت بين قيادات التنظيم في الفترة الأخيرة سببت تولي الهاشمي القيادة.