يظهر احد اكبر مناجم الفضة في العالم "سيرو ريكو" في جنوب بوليفيا مؤشرات انخساف مقلقة بعد خمسة قرون من الاستغلال الا ان مخزوناته لا تزال تثير المطامع مع خطر التسبب بكارثة. القمة المخروطية الشكل الرائعة لجبل سيرو تنتصب على ارتفاع 4800 متر وتشرف على بوتوسي (4600 متر) وهي مدينة فقيرة يبلغ عدد سكانها 160 الفا يتملكها حنين الى الفترة التي كانت فيها اغنى مدن القارة الاميركية في الفترة الممتدة من العام 1500 الى 1600. فمن خلال تضحيات الاف الهنود الذي كانوا يخضعون لعمل السخرة، كانت المدينة تنتج للتاج الاسباني "كميات من الفضة تكفي لبناء جسر بين بوتوسي واسبانيا" على ما تفيد الرواية. مخلفات تلك الحقبة والهندسة المعمارية الاستعمارية وبيت النقد سمحت كلها بادراج المدينة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. ورغم حضوره المهيب فإن "سيرو ريكو" او "سوماخ اوركو" باللغة المحلية (اي الجبل المهيب) اشبه بجبنة غرويير سويسرية ينخره حوالى 600 منجم لا يزال 120 منها ناشطا. وهذه المناجم هي خصوصا مناجم للفضة والزنك والقصدير والرصاص التي حفرت بشكل عشوائي على مر القرون. يقول سيليستينو ندوري رئيس لجنة بوتوسي المدنية وهو تجمع محلي يسعى الى تنظيم النشاط المنجمي والمحافظة على "الجبل المهيب" ان الجبل "اشبه بساعة رملية تندثر شيئا فشيئا". على السطح تظهر على سفوح الجبل اثار حوالى عشرة انزلاقات تربة وانهيارات حديثة يضاف اليها تلك التي تحصل في الداخل في ممرات تمتد على 90 كيلومترا ولا يبلغ عنها بالضرورة. المحافظة على جبل سيرو كانت من المطالب الرئيسية في الاضراب العام الذي شل بوتوسي على مدى ثلاثة اسابيع في آب/اغسطس الماضي وتسبب باحتجاز اكثر من مئة سائح اجنبي في المنطقة. وبعد ذلك وعدت الدولة باجراء دراسة. الا ان موقف الحكومة يغيظ اكثر فاكثر الاوساط المنجمية المحلية خصوصا بعدما رأت الرئيس ايفو موراليس يستقبل استقبال الابطال عامل المناجم البوليفي كارلوس ماماني احد 33 عاملا كانوا عالقين في منجم تشيلي. ويسأل خوليو كينونيس رئيس الشركات المنجمية الصغيرة والمتوسطة في المنطقة "عندما نتحدث عن انخساف جبل سيرو وعن الخطر الذي يتهدد حياتنا ماذا تفعل الحكومة؟ عندما يحصل حوادث كهذه (منجم التشيلي) في بوتوسي وبوليفيا لا يهتم الرئيس". وتفيد نقابة عمال المناجم ان بوليفيا تسجل ثلاثة حوادث منجمية اسبوعيا متفاوتة الخطورة. منذ العام 2009 قتل 21 عاملا في سيرو ريكو حيث تتجاور وحدات منجمية متفاوتة الحجم توظف 12 الف عامل بينهم نحو مئة طفل يعملون بشكل غير شرعي. وقال مفتش العمل في بوتوسي ريكاردو لوريس لاذاعة "فيديس" انه في بوتوسي يتم التبليغ عن 60% من حوادث المناجم فقط. وفي بعض الحالات تبرم الشركات اتفاقا مع العلائلات تحصل فيه على صمتها في مقابل تعويضات مالية. ويوضح سيليستينو كوندوري "يحكى عن المحافظة على هذا الجبل الا ان الاصعب هو اقناع عمال المناجم انفسهم انهم يخاطرون بحياتهم من خلال العمل في هذه المناجم". ويقول ارنولفو غوتييريث الامين العام للمناجم في حكومة بوتوسي المحلية انه على مدى خمسة قرون تم استغلال السيرو على "ثمانية مستويات (عمق كل مستوى 30 مترا تقريبا) لكن يقدر ان تكون هناك ثروات على عشرة مستويات اضافية بعد". ويختم قائلا "السيرو هائل والثروة التي يتكنزها لا تحصى". لكن يبدو ان النشاط المنجمي في "الجبل المهيب" لن يتوقف قريبا ما لم يحصل ادراك لخطورة الوضع.