بعد أن اختتمت النسخة الأولى من مسابقة «شاعر المليون» قبل ثلاثة أعوام، وعلى إثر ما حققته من نسبة مشاهدة كبيرة لا تقارن بغيرها من البرامج، خصوصاً لدى طلاب المدارس في السعودية، أدخل عدد من رواد النشاط الطلابي المسابقات الشعرية ضمن الأنشطة المقدمة في تلك المدارس. ولم يعد وجود مسابقة شعرية في المدارس أمراً مستغرباً لدى التربويين، إذ أصبحت توضع اللافتات التي تدعو الطلاب للاشتراك في المسابقة من أجل الفوز بلقب شاعر المدرسة، شريطة أن تكون القصيدة من شعر الطالب، ويقيمها ثلاثة أو أربعة مدرسين شعراء أو متخصصين في اللغة العربية. يقول المعلم مشعل ناصر: «وضع رائد النشاط الطلابي في المدرسة مسابقة تهتم بالشعر بشقيه الفصيح والنبطي بين الطلاب، وحدد أن تكون في مواضيع هادفة للطلاب»، مشيراً إلى أن تلك المواضيع تتلخص في الدين والمحافظة على الصلاة، والتحذير من المخدرات والتفحيط، ومحاربة السلوك السيئ. وأضاف أن تلك المسابقة وجدت تفاعلاً من الطلاب، من خلال تقديم القصائد إلى مدرس النشاط في الموعد المحدد لإلقائها في حفلة أمام زملائهم، ومن ثم يرشّح أحدهم للفوز بلقب شاعر المدرسة، لافتاً إلى أنه أوكل تقويم القصائد إلى لجنة مكونة من 3 معلمين متخصصين في اللغة العربية، ووزعت الدرجات على القافية والوزن والمعنى وموضوع القصيدة، وتستبعد القصيدة التي ليس لها هدف تربوي. ويرى عدد من الطلاب أن مسابقة الشعر في المدارس أظهرت مواهبهم في الكتابة ، معتبرين أن المنافسة فيها تجربة للمشاركة في المسابقات الشعرية عبر القنوات الفضائية. لكن تربوياً رأى أن إقامة مسابقات الشعر النبطي في المدارس، تجعل اللغة العامية هي السائدة في المدرسة، بعكس الذي تدعو له العملية التربوية في المملكة، مبدياً تخوفه من مواضيع القصائد التي قد تكون مدعاة للعصبية القبلية. وقال المشرف التربوي والإعلامي ساعد الثبيتي: «إن البرامج والأنشطة التي تقدم للطلاب في المدارس ينبغي أن تكون هادفة، بحيث تسهم في تنمية مهاراتهم ومواهبهم وتثري حصيلتهم العلمية والثقافية، وهذا لم يغب عن بال وزارة التربية والتعليم، إذ إن الخطة العامة السنوية للنشاط الطلابي تزخر بمثل هذه البرامج الهادفة»، مضيفاً: «لكن ما برز أخيراً من تنظيم مسابقات شعرية في المدارس على غرار المسابقات الشعرية التي نشاهدها عبر القنوات الفضائية الشعبية، فهو في نظري اجتهاد من بعض مديري المدارس بحاجة إلى إعادة نظر، خصوصاً إذا كانت مسابقات للشعر النبطي (العامي)». وذكر أن اللغة العربية الفصحى هي لغة التخاطب بين المعلمين وطلابهم في المدارس، إذ إن إقامة المسابقات الشعرية بلغة عامية معناها أننا نرسخ لها في مدارسنا، ثم إنه يخشى أن تكون أغراض الشعر النبطي في مثل هذه المسابقات مدعاة للعصبية القبلية التي تجعل مدارسنا أشبه بما نشاهده عبر القنوات الفضائية التي تروّج لمثل هذه المسابقات القائمة على التعصب القبلي. وتابع: «إن كان لا بد من إقامة مثل هذه المسابقات في مدارسنا فيجب أن تقنن، وأن تكون باللغة العربية الفصحى، وأن تكون أغراض الشعر وطنية بحتة، بعيداً عن الأغراض الأخرى التي تزرع بذور التعصب في المجتمع»، لافتاً إلى وجود برامج وأنشطة علمية واجتماعية وإنسانية ووطنية أهم من مسابقات الشعر يجب أن تكون لها الأولوية في المدارس.