تعتبر السياحة في وقتنا الحاضر من الصناعات الحديثة، وتؤدي دوراً مهماً في اقتصادات العديد من الدول لما تمثله من إيجاد العديد من فرص العمل، إضافة إلى جذب بعض الاستثمارات الأجنبية ونمواً في اقتصادات تلك المناطق السياحية. وتأتي الطبيعة في مقدمة المقومات السياحية، متمثلة في الموقع الجغرافي والمناخ والمناطق الطبيعية والبشرية، التي تمثل في وقتنا الحاضر بوسائل النقل وطرقه والأنشطة المخصصة في تلك المناطق، خصوصاً إذا توافرت البنية التحتية. ومنذ سنوات اهتمت الدولة بصناعة السياحة، وتمثل ذلك في إنشاء الهيئة العليا للسياحة، والتي يبذل القائمون عليها جهوداً كبيرة من أجل الرقي بهذه الصناعة وتطويرها، خصوصاً أن السياحة لدينا في الغالب ما زالت مقتصرة على سكان الداخل. ولأن الحق يجب أن يقال، فلا بد من القول إننا بتنا نرى عدداً من التشريعات المنظمة، وشيئاً فشيئاً لاحظنا أن تلك الجهود أصبحت تؤتي ثمارها وبدأنا نلمس نشاطات هذه الهيئة، ممثلة في رئيسها الأمير سلطان بن سلمان، الذي بادر بزيارة إلى أكثر من منطقة والتقى بعض المسؤولين فيها، إضافة إلى الحملات المنظمة الهادفة إلى التعريف بمناطق المملكة وحث المواطنين على قضاء إجازاتهم فيها. وعلى رغم توافر العديد من المقومات السياحية في المملكة واشتمالها على الكثير من أنواعها، وفي مقدمتها السياحة الدينية، إلا أننا لاحظنا خلال هذا العام انخفاضاً في السياحة الداخلية، باستثناء السياحة الدينية، بحسب ما نشر في عدد «الحياة» الصادر يوم الثلثاء 15/8/1431ه. ولا شك أن ذلك يعتبر عودة إلى الوراء ونكسة لجميع الجهود التي بذلت سابقاً، ويبدو أن هناك بعض الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض، ويأتي في مقدم ذلك انعدام الفرصة للحصول على حجوزات للوصول إلى المناطق السياحية، خصوصاً المناطق الجنوبية، فعلى رغم أن تلك المنطقة تتميز بالمناخ الرائع والمناظر الخلابة، إلا أن شح الرحلات الداخلية المتوجهة إليها ما زالت عائقاً أمام السياح، فيما تسير بعض شركات الطيران الخليجية رحلات مباشرة إلى هذه المناطق، ما يؤكد اهتمام سكان الدول الخليجية بقضاء صيفهم فيها. كما لا يخفى على أحد أن البنية التحتية في منطقة أبها ما زالت دون المستوى المطلوب، ويتأكد ذلك في ندرة الفنادق والشقق بمختلف فئاتها، كذلك ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، ولعل تأسيس شركة استثمار خاصة في المنطقة يكون حلاً منطقياً لهذه المعضلة المستمرة منذ سنوات، ولكن لتأسيس هذه الشركة لا بد من تسهيل فرص الاستثمار في المنطقة وتشجيعها، بدلاً من وضع المعوقات التي تملأ أنظمتنا البيروقراطية. وقد لاحظنا أن هناك أنشطة مختلفة ومتعددة خلال الموسم السياحي في بعض المناطق، ولا شك أنه كان لها دور في جذب بعض السياح، خصوصاً من أبناء المنطقة الذين غادروها للبحث عن لقمة العيش أو للدراسة، وبالتالي باتوا يقضون إجازاتهم أو جزءاً منها في المنطقة الجنوبية في شكل عام، ومع ذلك يظل الوضع بصفة عامة من دون المأمول، إذ ارتفع عدد المواطنين الذين سافروا هذا العام لقضاء الإجازة الصيفية، وأنفقوا في الخارج مئات الملايين من الريالات، ولا يخفى ما في ذلك من هدر ثروات البلد. ما يؤسف له أن جهود الهيئة العليا للسياحة وطموحات مسؤوليها تصطدم بواقع سيئ وبنية تحتية لا تساعد على نجاح السياحة، ومن هنا آمل من الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة القيام بواجباتها وفتح طريق النجاح للهيئة حتى يتسنى لأبناء البلد قضاء إجازاتهم في ربوعها.