أحياناً تعتريك حالات لا تستطيع مقاومتها ربما تزيدك قوة وأحياناً أخرى لا تزيدك إلا ضعفاً، وفي كل الأحوال يبقى مخزون المشاعر لديك رهين الموقف وقدرتك على التحمل. تولد لدينا كل يوم مشاعر جديدة تجاه أي موقف داخل البيت أو خارجه، فحيث ما تواجدت أيها الإنسان لديك تلك المشاعر والأحاسيس التي لا يمكنك كبتها وإن حاولت إخفاءها... ويبقى السؤال: هل ما نحمله من تلك المشاعر والأحاسيس يجعلنا ندرك ما يحمله غيرنا منها من دون أن نستبق سوء النية؟ الشعور بالآخرين مبدأ جميل بحد ذاته لا يمتلكه كل من نطق به ولكن لا بد من امتلاكه حتى وإن افتقده بعضنا. كل الأديان السماوية حضّت على مثل هذه المبادئ العظيمة التي أصبحنا نتملص منها وكأنها حمل ثقيل يرهق كاهلنا! فطغيان المادة على علاقات البشر وضعنا في قوالب مصنّعة جمدت كل جميل فينا حتى علاقتنا البسيطة. إن كل واحد فينا يحتاج الى إخراج مكنونات نفسه والى أذن تنصت اليه ليجد حلاً أو راحة لا تُقدَّر بثمن من دون الاستهزاء بها ونشرها على الملأ. فما نراه اليوم ينذر بخراب تلك العلاقات وإلباسها ثوب المصلحة والأنانية ونكران الجميل، ما يجعلنا أمام منعطف خطير في كل العلاقات الإنسانية حتى أصبح كل واحد منّا يخاف الآخر. إن صفاء القلب أصبح من الماضي ولم نعد نعرف له مسلكاً واضحاً. فعندما كان الناس يتقاسمون رغيف الخبز كانوا يشعرون بسعادة وبمدى هذا الالتفاف الإنساني الذي يتخطى العلاقات العائلية، فسعادتهم أجبرتهم على البقاء في علاقات أبدية. أما اليوم فكل شيء متوافر، لكن يبقى الإحساس لدينا بعدم الرضا وضيق النفس والكآبة والعصبية الكاذبة.