تطرح المفوضية الأوروبية مجدداً اليوم فكرتها المثيرة للجدل بفرض ضريبة أوروبية لتمويل موازنة الاتحاد في المستقبل والتعويض عن عدم رغبة الحكومات التي تعاني صناديقها من نقص، في دفع أموال. ويُتوقَّع ان تقدم أفكاراً حول تطور موازنة الاتحاد لسنوات في مجالي النفقات والواردات. والهدف من ذلك الإعداد للمفاوضات الشاقة حول الموازنة المقبلة للفترة بين عامي 2014 و2020 التي ستبدأ قريباً بمعركة شرسة بين السياسة الزراعية المشتركة التي ينتقد كثيرون أهميتها (40 في المئة من النفقات) والإعفاء البريطاني المتعلق بالموازنة الذي يواجه انتقادات بالحجم نفسه. وفي ما يتعلق بالنفقات، تنوي الهيئة التنفيذية الأوروبية التزام الحذر حالياً اذ ان تقديراتها بالأرقام لن تصدر قبل ربيع 2011. وستتجنب في تقريرها انتقاد المساعدات للمناطق الفقيرة (اي صناديق التضامن) التي تتمسك بها دول أوروبا الشرقية، وكذلك انتقاد باريس حول السياسة الزراعية المشتركة وإن كانت ستدعو الى تحديثها. وهدد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ب «أزمة في أوروبا» لتجنب إلغاء هذه السياسة. وبذلك يُنتظر ان تتحدث المفوضية الأوروبية عن الواردات. وأصدر المفوض الأوروبي للموازنة يانوش ليفاندوفسكي بعض الإشارات. فإلى جانب التشكيك بجدوى الإعفاء البريطاني الذي منح عام 1984 إلى رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر للحد من الاستياء الشعبي، رأى ان «من الممكن» فرض ضريبة أوروبية لزيادة «العائدات الصافية» وخفض المساهمات الوطنية للدول التي تدفع حالياً 75 في المئة من موازنة الاتحاد وتشكو من ارتفاع فاتورتها. وهذا الأمر ينطبق خصوصاً على الدول الكبرى مثل فرنسا وألمانيا. وقال مسؤول: «ستكون النقطة أساسية في الملف. ستُقدَّم لائحة من ثمانية خيارات في هذا المجال من دون حسم أي منها» نظراً إلى حساسية المسألة. ومن الأفكار التي يفترض ان تكون مدرجة فيها فرض رسوم على انبعاثات غاز الكربون والنقل الجوي والصفقات المالية وحتى على أرباح المصارف. وإلى جانب هذه الرسوم الجديدة، يفترض ان يتناول التقرير خيارات تجرى مناقشتها منذ فترة طويلة من دون ان تحقق نجاحاً، مثل تسليم الاتحاد نسبة من الرسوم الوطنية المفروضة كضريبة القيمة المضافة أو الرسوم النفطية. وصرح مصدر أوروبي ان التقرير سيتضمن فكرة أخرى لا تلقى توافقاً وهي إصدار سندات خزينة أوروبية لتمويل مشاريع. ورأى رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الشهر الماضي ان «كل يورو يُنفَق على المستوى الأوروبي مردوده اكبر من أي يورو يُنفَق على المستوى الوطني». لكن ثمة مشكلة تتمثل في ان سندات الخزينة الأوروبية تثير تحفظات كبيرة، فيما تثير الضريبة الأوروبية غضباً أكبر لدى معظم دول الاتحاد الذي سيعود إلى قادته في نهاية الأمر البت في القضية، بدءاً من فرنسا التي ترى ان «هذه الفكرة غير مناسبة إطلاقاً» وألمانيا التي تعتبر أنها بعيدة من الواقع. وفي فترة تشهد عجزاً في الموازنات الحكومية وأزمة في المشروع الأوروبي وتوجهاً الى الانطواء تحت الراية الوطنية، سيكون تسويق الفكرة لدى الرأي العام صعباً. وأكد رئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه أمس إمكانية إنشاء صندوق دائم لاستقرار العملة في منطقة اليورو إذا تحقق التزام بإجراءات صارمة. وقال لصحافيين على هامش مؤتمر في مدينة ريميني الإيطالية: «يمكن تصور وجود صندوق لاستقرار العملة. سيكون عليه حينئذ ان يلتزم بعدد من المعايير. ويُنتظر ألا ينطوي الصندوق على أخطار أخلاقية. سيكون قائماً على ضوابط قوية جداً جداً». وكرر تريشيه أيضاً مواقف أخرى أدلى بها في مقابلة أجرتها معه صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية في وقت سابق، قائلاً إنه لا يملك رسالة جديدة في شأن سعر الصرف بخلاف أن التقلبات الزائدة للعملة تعتبر ضارة وأنه يرحب بإدراك الولاياتالمتحدة لأهمية قوة الدولار. وأكد وجود اتفاق عام على الحاجة إلى إعادة التوازن للاقتصاد العالمي، لكنه قال ان صعوبات تتعلق بوتيرة العمل لا تزال قائمة. وأضاف في كلمة أمام مؤتمر في مدينة ريميني الإيطالية: «هناك إجماع كبير على مستوى عالمي على الاستراتيجيات التي نحتاجها». وزاد ان الاقتصادات الناضجة ذات العجز الكبير تحتاج إلى الادخار بينما تدرك الاقتصادات الناشئة ذات الفائض الكبير حاجتها لحفز الطلب المحلي. وتابع: «تبدو إعادة التوازن ضرورية وإلا فإننا نمهد الطريق لمشاكل في المستقبل، لكن يقال إن وتيرة إعادة التوازن هي المشكلة الحقيقية».