رام الله (الضفة الغربية) - ا ف ب - رأى اكاديميون ومحللون فلسطينيون مؤشرات على قرب اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، لكنها في رأيهم انتفاضة تختلف عن سابقتيها كونها "انتفاضة مدنية معولمة". وقال جورج جقمان رئيس مؤسسة مواطن لدراسة الديموقراطية خلال مؤتمر في رام الله بالضفة الغربية حول امكانية اندلاع انتفاضة جديدة يشارك فيه عشرات الاكاديميين والحقوقيين ان "هناك مؤشرات على انتفاضة فلسطينية ثالثة تختلف عن الانتفاضتين السابقتين" في 1987 و2000. واضاف ان "المؤشرات المحلية والاقليمية والدولية تشير الى انتفاضة يمكن وصفها بانها "انتفاضة مدنية معولمة"". واعطى جقمان امثلة على ما مؤشرات هذه الانتفاضة ابرزها "المظاهرات الشعبية والدولية التي تجري جنب الجدار (الفاصل الذي تبنيه اسرائيل في اراضي الضفة الغربية)، حروب الانترنت فيما يخص الصراع، متابعات قضايا دولية ضد اسرائيل، ومنها تقرير غولدستون". ويتهم تقرير القاضي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون الذي انتدبه مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان واصدر تقريره في ايلول/سبتمبر 2009، اسرائيل ومجموعات فلسطينية بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة اواخر 2008 واوائل 2009 والتي اسفرت عن مقتل 1400 فلسطيني و13 اسرائيليا. واضاف جقمان، الذي يعمل ايضا مدرسا في جامعة بيرزيت، ان من بين المؤشرات ايضا "الحملات الدولية لمقاطعة اسرائيل، ومنها المقاطعة الاكاديمية والدعوة الى سحب الاستثمارات الاجنبية من اسرائيل". ولفت الى ان "هذه المؤشرات تؤكد اننا في خضم انتفاضة فلسطينية من نوع جديد، لكن ما يعيق رؤية هذه الانتفاضة بوضوح هو انها ليست محصورة في الاراضي الفلسطينية فقط، بل في مختلف انحاء العالم"، متسائلا "هل ستكون السلطة الوطنية الفلسطينية عقبة امام هذه الانتفاضة ام سندا لها؟". واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الاولى في العام 1987 وتميزت بمشاركة شعبية واسعة استخدم خلالها الفلسطينيون الحجارة والاطارات المشتعلة ضد الجيش الاسرائيلي، وقتل خلالها مئات الفلسطينيين. وادت هذه الانتفاضة الى مفاوضات سلام بين الحكومة الاسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية اثمرت في 1993 توقيع اتفاقية اوسلو التي قامت بموجبها السلطة الفلسطينية في 1994. وبعد تعثر المفاوضات بين الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية اثر زيارة قام بها زعيم المعارضة الاسرائيلية في حينه ارييل شارون الى باحة الحرم القدسي في العام 2000، وقد تميزت تلك الانتفاضة عن سابقتها بلجوء الفلسطينيين هذه المرة الى السلاح. واثر اندلاع هذه الانتفاضة "المسلحة" اجتاحت اسرائيل المدن الفلسطينية وقامت بتدمير كافة المقار الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية في عملية فاقت حصيلة ضحاياها حصيلة ضحايا الانتفاضة الاولى. بدوره قال المحلل السياسي والاستاذ المحاضر في جامعة بيرزيت سميح شبيب لوكالة فرانس برس "هناك مؤشرات اذا جمعناها مع بعضها البعض نلحظ اننا بالفعل اليوم امام مؤشر نحو +انتفاضة مدنية معولمة+". واضاف " هناك تململ دولي من اسرائيل، وهناك مثلا سفن شريان الحياة الدولية التي وصلت والتي حاولت الوصول الى غزة، وايضا الدعوات التي تطلق في مختلف انحاء العالم لمقاطعة اسرائيل... هذه كلها مؤشرات، لكنها لم ترتق بعد الى وصفها بالانتفاضة". وبحسب شبيب فان هذه المؤشرات "بحاجة الى تأطير من قبل المؤسسة السياسية الفلسطينية، وان تستنهض منظمة التحرير الفلسطينية لجان التضامن الدولية لتفعيل هذه الانتفاضة"، مشددا على وجود "مؤشرات على انتفاضة مدنية مختلفة لكنها بحاجة الى تأطير ومأسسة لتصل الى النجاح". ودعا اكاديميون وسياسيون الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى فتح حوار "غير تقليدي" مع المؤسسات الفلسطينية، لمواجهة "حالة الجمود السياسي الحالية". ودعا المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان الفلسطينية ممدوح العكر الرئيس الفلسطيني الى "فتح حوار وطني من نوع آخر، حوار يبدأ من منابر الجامعات الفلسطينية". بدوره وجه المحلل السياسي هاني المصري رسالة الى عباس تحت عنوان "نصيحة للرئيس"، دعاه فيها الى " مصارحة الشعب". وقال المصري في رسالته التي نشرها السبت ان "طريق المفاوضات الثنائية المباشرة وصل الى حائط مسدود (...) وأنت الآن ايها الرئيس في حيرة شديدة. فأنت تجد من الصعب مواصلة الطريق نفسه الذي جرب عشرين عاما بدون نجاح، كما تجد من الصعب الارتداد عنه، فآثرت الانتظار حتى يقضي الله امرا كان مفعولا". واضاف المصري في رسالته ان "المطلوب ان تصارح شعبك بما حدث ويحدث، لوضعه امام المخاطر والتحديات والفرص والخيارات والبدائل". وتوقفت المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية المباشرة، التي استؤنفت في واشنطن في الثالث من ايلول/سبتمر اثر رفض اسرائيل تمديد فترة تجميد الاستيطان. ومنحت القمة العربية الاخيرة التي عقدت الاسبوع الماضي في مدينة سرت الليبيبة، الولاياتالمتحدة الاميركية شهرا واحدا كي تحاول انقاذ هذه المفاوضات، بينما اعلنت السلطة الفلسطينية ان لديها"بدائل" في حال فشل خيار المفاوضات.