شن مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في نادي جدة الأدبي خالد زارع هجوماً عنيفاً على المقاهي الثقافية، وذلك بعد الصدى الذي أحدثته زيارة الشاعر العراقي عدنان الصائغ لمقهى «هافانا الثقافي»، إذ أقام أمسية شعرية ثم شارك في أمسية أخرى مع الناقد سعيد السريحي. نبيل زارع وصف ما تقوم به المقاهي الثقافية بأنه مجرد ترويج تجاري وصوري، كما وصف زيارة الشاعر من دون أن يسميه بأنها إنما كانت لأداء العمرة، وأن المقهى الثقافي أجرى العديد من الاتصالات مع الأندية الأدبية لكي تستضيف الشاعر، كما أنه رفض الانتقادات التي توجه للأندية الأدبية، رافضاً المقارنة بين هذه المقاهي والأندية الرسمية. وقال: «هل من المنطق أن نقارن بين مؤسسة رسمية ومقهى؟ وهل يعقل أن نقلل من جهود مؤسسات ثقافية مضى على تأسيسها سنوات عدة وأصبحت معالم ثقافية في بلادنا يعتد بها، خرج من تحت مظلتها العديد من الأدباء وكبار النقاد ونقول في النهاية بأن ارتياد المقهى أفضل من المؤسسة. ونفى زارع في حديث مع «الحياة» أنه لا يعتبر وجود مثل هذه المقاهي الثقافية موجهاً ضد الأندية الأدبية: ولكن كان تحفظي على من يتهمون الأندية الأدبية بالتقصير وعدم الأريحية، وأنها لا تقدم شيئاً. لقد ذكرت في مقالة لي نشرت قبل مدة، بأن الكل يستطيع أن يعمل في المشهد الثقافي، ولكن تختلف الأطر النظامية والدور الرئيسي لكل جهة، ولا أستطيع أن اعتمد على المقهى كجهة ثقافية رسمية. أما التكاملية التي تتحدث عنها فمن الممكن أن تصبح واقعاً حقيقياً وليس إدعاءً، أي أن العمل نفسه هو الذي يفرض نفسه من دون الإساءة إلى المؤسسات الرسمية ... وهو ما يؤسفني في الزملاء الذي قللوا من شأن الأندية الأدبية، والرفع من شأن المقاهي الثقافية». وحول كونه يدافع عن الأندية الأدبية عموماً على رغم اختلاف الأداء بين هذه الأندية، ووجود بعض الأندية التي لا تقدم الكثير من الفعاليات الإبداعية أو الإصدارات الثقافية، رد قائلاً: أنا أرفض اتهام بعض الأندية بأنها لا تقدم إصدارات أو فعاليات، لأنني على علم بأن جميع الأندية الأدبية تعمل وفق منهج محدد ورؤية خاصة بها، لكن تختلف من ناد إلى آخر ولا يخفى عليك عزيزي بأن هناك أندية أدبية حديثة التكوين، ومع ذلك قدمت أعمالاً متميزة ونشاطات متنوعة. وفي المقابل كيف يجرؤ المتحمسون للمقاهي أن يطالبوا الأندية الأدبية بالمزيد من الإصدارات ولا يطالبون المقاهي بذلك؟ وهم الذين وضعوا المقاهي في المرتبة نفسها مع الأندية الأدبية. إذ يقتضي العدل أن يساووا في المطالب بين الجهتين إن رأوا أنهما متساويتان في القيمة!». وأوضح زارع أنه لا يلوم المقاهي «وأنا على استعداد لحضور أي فعالية في أي مقهى، ولكن تحفظي على الاتهام بقصور الأندية، وأنها لا تقدم أي عمل. أولاً، أنا مع تعدد المنابر الثقافية، ثانياً، دور الأندية الأدبية يختلف عن دور المقاهي، لناحية الصبغة الرسمية التي تتحلى بها الأندية الأدبية. فعمل المقاهي أقرب للعفوية أكثر من التنظيم المسبق. وقد يكون في ذلك مرونة، لكنها ظرفية لا يمكن أن تمد العمل الثقافي بروح الاستمرارية والتنوع». ولكن ما هو الفرق بين أمسية إبداعية شعرية أو قصصية تقام في مقهى أو صالون أو ناد أدبي؟ أسأل زارع فيجيب قائلاً : الأندية الأدبية تعمل وفق نظام رسمي، بينما المقاهي مفتوحة للنزهة والثقافة على هامشها ليس إلا. والمجال حقيقة ليس مجال مقارنة على الإطلاق. ودائماً من يقدم عملاً ثقافياً في الأندية الأدبية يحسب له ويوثق في سيرته الذاتية، بينما ما يقدمه في المقهى الثقافي لا يصل إلى درجة التوثيق بوصفه عملاً عفوياً وارتجالياً». وتعليقاً على ما نشره نبيل زارع حول استضافة الشاعر الكبير عدنان الصائغ، يؤكد الشاعر حامد سليمان، صاحب «مقهى هافانا الثقافي» أن زيارة الشاعر عدنان الصائغ كانت بدعوة من المقهى، إذ تحملنا تكاليف سفره وإقامته وقد أكد الشاعر نفسه هذا الأمر في أمسيتيه التي أقامها في المقهى، ولم نطلب من أي ناد أدبي استضافة الشاعر. ولكن نظراً للعلاقات الشخصية التي تربط أعضاء المقهى بعضو نادي المدينة الأدبي الشاعر عيد الحجيلي وبالكاتب عمر الرحيلي، فقد طلب منا الأخوة أن يقيم الشاعر أمسية شعرية بنادي المدينة، خصوصاً وأننا رتبنا له زيارة للمسجد النبوي لكننا لم نطلب من أي ناد أن يقيم للشاعر أمسية مع أنني لا أرى ما يمنع هذا، فالأندية الأدبية والمقاهي الثقافية والصوالين الثقافية، إنما تقوم بعمل متكامل ولا توجد بينها منافسة فالجميع يهدف إلى تقدم ورفعة الثقافة».