لا تزال الرياضة في منأى عن أن تصبح ثقافة عامة يلتزم بها قطاع كبير من المجتمع السعودي، في ظل ما تسجله السمنة من معدلات عالية لا يقابلها أي تقدم يمكن ملاحظته في جانب الرياضة البدنية، ومما يضاعف ذلك تعقيد بيئات العمل وتقاليد المعيشة التي تساعد على الكسل وقلة الحركة. وتأتي السعودية ثالث دول العالم في قلة الحركة والكسل، وتعد واحدة من الدول المتقدمة في ترتيب أكثر الدول في نسبة السمنة على مستوى العالم، مع الكويت وأميركا. غير أن بعض المبادرات والتقاليد بدأت تدب في سلوك المجتمع بأشكال مختلفة، ومن شأن ذلك أن يضفي طابعاً جديداً في ما يخص النشاط البدني والحركي ويعالج إشكالات صحية كثيرة، ومن تلك المبادرات مجموعات الدراجين هواة رياضة بركوب الدراجات، في مجموعات تلتئم على هذا الهدف ويعضد بعضها بعضاً نفسياً واجتماعياً للاستمرار في هذا السلوك لتحقيق ثمراته البدنية والنفسية. وتعد مجموعة «دراجتي السعودية» حاضنة تضم جميع أنواع الدراجات والدراجين، وتهدف إلى نشر ثقافة الدراجة للرقي بها في جميع المستويات سواءً في الرياضة أم التنقل أم الحفاظ على الصحة والبيئة. وبدأت المجموعة في كانون الثاني (يناير) 2012 بقيادة عبدالله الوثلان، وهو مدير للموارد بشرية في البريد الممتاز، ومتخصص في التطوير والتنظيم الإداري. وتقوم «دراجتي» بتنفيذ دورات تثقيفية منتظمة للراغبين في ممارسة هذه الرياضة، والمشاركة الاجتماعية، وتتميز باستقطاب مشاركين من جميع الفئات في المجتمع، ما أسهم في دعم توجهات المجموعة والحصول على خبرات عدة، إذ إن أصغر عضو في المجموعة عمره 12 عاماً، وأكبرهم 62 عاماً. وعلى منوال هذه المجموعة، تم إنشاء مجموعات مختلفة على مستوى مناطق المملكة، وفي بعض دول الخليج، ومجموعة للمبتعثين في أميركا، وبلغ عدد الدراجين نحو 800 دراج منتظم. وتعمل المبادرة على توعية المجتمع باحترام الدراجين، من خلال حملة توعوية مكثفة كحملتي «حزام الأمان» و«ساهر»، وغيرهما، وأهمية تشجيع المجتمع على استبدال الدراجات الهوائية بالسيارات في تنقلاتهم، متى أمكن ذلك، وزيادة عدد مواقف الدراجات، وإلزام المخططين ومتخذي القرارات بأخذ الدراجات الهوائية في الاعتبار في كل الخطط التطويرية المتعلقة بسبل التنقل، كالسكك الحديدية والمطارات، والاستفادة من مزايا الدراجة في بعض الحالات الإسعافية والمرورية، وكذلك الشرطة، إذ إن بعض الأماكن لا تسمح بمرور السيارات، وهو ما تنبهت إليه كثير من الدول. يقول عوض العمري، وهو عضو في إحدى مجموعات الدراجين: «بدأت المجموعة صغيرة جداً ومحدودة، والمسافات التي نقطعها قصيرة، لتجنب مناطق الظهور، لأن المجتمع عادة لا يتقبل الفكرة في بواكيرها، ولكن مع الوقت انضم لنا كثيرون، وأصبحت رياضة الدراجات مشاعة ومطلوبة، وشارك أفراد من مجموعتنا في مسابقات على مستوى المملكة، وحققوا نتائج مميزة، واليوم لدينا أعضاء من جميع فئات المجتمع، ويجتمع لدينا الطالب مع معلمه ورجل الأمن مع منسوبي القطاعات الأهلية، وتضاعفت نشاطاتنا، والتقينا بكثير من المجموعات خارج المنطقة بقصد التعاون والتواصل، ولمسنا أثراً كبيراً في الجوانب الصحية والبدنية، ونطمع أن نتوسع في مسائل نشر الثقافة، وإشاعتها كعادة سلوكية محبذة ومرغوبة داخل المجتمع، وأنا متفائل بذلك». ويرى متابعون أنه لا يمكن الجزم بأن رياضة الدراجات أصبحت ثقافة عامة، لكن الأمر في طريق التوسع، وفي كل مرة يسجل حالة من التقدم، ولا سيما أن مجموعات الدراجين السعودية تهضم المزيد من المناطق على امتداد المملكة الكبير، وفي أطرافها المتباعدة، كما تحرص على المشاركة في المنافسات الدولية والإقليمية، وتنظم مناسبات مستمرة للتواصل والتعارف، ورحلات في المناطق المختلفة، وهي بذلك توسع من رقعة هذه الثقافة، وتحشد المزيد من هواتها والراغبين فيها. وتمكن العام الماضي ثلاثة دراجين ينتمون إلى مجموعة دراجتي السعودية التي يفوق عدد أعضائها ثلاثة آلاف دراج، وتعمل تحت مظلة مركز الملك سلمان للشباب من قطع مسافة 2000 كلم خلال 12 يوماً بالدراجة الهوائية، بهدف نشر ثقافة ممارسة الرياضة في شكل عام، وركوب الدراجات الهوائية في شكل خاص. وكانت انطلاقة الدراجين من الرياض مروراً بالقصيم ثم المدينةالمنورة ومكة المكرمة والباحة وانتهاءً بجازان. ويسعى الاتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية للإسهام في تطوير ورعاية أنشطة رياضة السيارات والدراجات النارية، وأن يقدم خدماته لأعضائه بجودة عالية بأعلى المعايير الدولية للسلامة، وهو هيئة رياضية ذات شخصية اعتبارية، تأسس عام 1427ه، بهدف الإشراف على أنشطة رياضة السيارات والدراجات النارية في المملكة، والعمل على تطويرها ورعايتها وتمثيل المملكة في الاتحادات الدولية. واستضافت الرياض في العام الماضي أكبر سباق للدراجات، بهدف نشر ممارسة الرياضة لدى الشباب والاهتمام بصحة البيئة، بمشاركة أكثر من 450 دراجاً يمثلون العديد من الجنسيات والفئات العمرية وبعض الأندية السعودية والمنتخبات الخليجية، أبرزها نادي الفتح، ونادي السلام، ونادي أبها، ومنتخب البحرين، وبعض المحترفين من الكويت والإمارات.