باريس - أ ف ب - ذهب مقابر البيرو ما قبل الغزو الاسباني يلمع هذه الايام في معرض باريسي يضم الاكاليل والتيجان وحلياً تزين الجبين والانف والاذن فضلاً عن مومياء، تضيء كلها على جزء من اللغز الذي يحيط بالثقافات التي سبقت وصول الاسبان الى اميركا الجنوبية. المعرض بعنوان «ذهب الانكا» ويستضيفه متحف «بيناكوتيك» في باريس، الا ان العنوان لا يعكس الموضوع الفعلي للمعرض، اذ انه لا يقتصر على امبراطورية الانكا التي عرفت اوجها في القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر. بل يشمل حقبة أوسع تشمل ثقافات أقدم بكثير سبقت الغزو الاسباني لا سيما باراكاس وناسكا وموتشيكا وغيره. فالقناع المصنوع من الذهب وصاحب العينين الفيروزيتين الوارد على ملصق المعرض، لا يمت للأنكا بصلة. فهو زينة تعود الى ثقافة موتيشما (مئة عام قبل المسيح الى 850 عام بعد الميلاد). وتوضح المشرفة على المعرض بالوما كارسيدو دي موفاريش استاذة فنون ما قبل الغزو الاسباني والفن الاستعماري في جامعة بونتيفييا اونيفرسيداد كاتوليكا ديل بيرو في ليما: «استخدمنا كلمة انكا لانها الثقافة الأكثر شهرة». وتقرّ: «لدينا القليل من القطع العائدة الى حضارة الانكا في المعرض، ربما 15 الى 20 في المئة فقط». وتقول الخبيرة في المعادن هذه ان الذهب اذيب عند الغزو الاسباني وهدمت المقابر. وفي حين لم تكن للذهب قيمة مادية لشعوب منطقة الانديس، فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة الى الغزاة الذين كانوا يتعطشون الى هذا المعدن الثمين. وفي محاولة لاستعادة حريته دفع امبراطور الأنكا اتاهوالبا الى الاسباني فرانسيسكو بيثارو الذي ألقى القبض عليه، كمية كبيرة من الذهب، الا ان ذلك لم يحل دون اعدامه في عام 1533. وشددت المشرفة الاسبانية على الطابع «غير الاعتيادي» لهذا المعرض الذي يعتمد التسلسل الزمني او المناطق الجغرافية. وتوضح ان المعرض هدف الى «التركيز على حضارة واسعة في منطقة الانديس تمتد على ثلاثة آلاف سنة وصولاً الى شعوب الانكا». وتؤكد ان «الثقافات المختلفة التي تتالت كانت تتشارك الايقونوغرافيا ذاتها والتكنولوجيا ذاتها والنظرية نفسها حول نشأة الكون». وعثر على غالبية القطع ال 280 المعروضة في مقابر، وتستخدم عادة في الطقوس التي كانت قائمة في تلك الحقبات. وهي متأتية من حفريات اثرية ومن متاحف بيروفية وأميركية وأوروبية. وينطلق الزائر في مغامرة تأخذه في احدى محطاتها الى مومياء من مرحلة الانكا - تشينتشا (900-1470 بعد الميلاد) محفوظة في شكل جيد وجالسة مع الركبتين المثنيتين باتجاه الصدر. والمومياء غطيت لغرض المعرض بغطاء رقيق شفاف اسود «احتراماً» كما تقول المشرفة على المعرض. الى جانب المومياء، هناك اياد مصنوعة من الذهب، فضلاً عن تاج، عثر عليها في مقابر تابعة لحضارة سيكان (800-1350 بعد الميلاد). يضاف الى ذلك قناع جنائزي مصنوع من الذهب والفضة مع عينين من العنبر والزمرد. ولا يزال مطلياً جزئياً بالزنجفر الاحمر القرمزي. هذه الحضارات التي سبقت الغزو الاسباني لم تكن تسعى الى ابراز الذهب، لا بل لم تكن تتردد بطلائه بالصباغ. وسبق ان قُدم المعرض في بريشيا (ايطاليا) من كانون الاول (ديسمبر) الى حزيران (يونيو) 2010 بصيغة مختلفة. وهو يستمر حتى السادس من شباط (فبراير) في متحف بيناكوتيك في باريس.