«غومورا» الرواية الإيطالية التي أحدثت ضجة في ايطاليا وأوروبا بعدما هدد كاتبها روبرتو سفيانو بالقتل من جماعات المافيا، صدرت ترجمة عربية لها عن الدار العربية للعلوم – ناشرون ومشروع «كلمة» (أبو ظبي). عرّبت الرواية مهى عز الدين عن الإيطالية. و «غومورا» رواية تخطت الخطوط الحمر وفضح مؤلفها ما لم يتجرأ أحد على كشفه من قبل، عبر نشر حقائق سرية وتفاصيل دقيقة وحرجة متجاوزاً الخوف ومتصدياً لإجرام المافيا الإيطالية، موجهاً اليها الاتهامات التي تدينها، مشفوعة بالأدلة الثابتة، من دون مبالاة بالعواقب التي قد تصيبه. وحققت الرواية نسبة مبيعات ضخمة في العالم متصدرة لائحة أكثر الكتب مبيعاً في صحيفة «نيويورك تايمز»، وتمت ترجمتها الى اثنتين وثلاثين لغة، وبيع منها نحو 1.8 مليون نسخة في مختلف الدول الأوروبية. وشكلت الرواية صرخة عالية أدهشت الكثيرين وحولت القصة الواقعية الى فيلم سينمائي يعرض حالياً بنجاح كبير في لندن، ونال جائزة في مهرجان كان السينمائي. أما مؤلفه روبرتو سفيانو فنال نصيباً كبيراً من الشهرة، وحظي بجائزة «فياريجيو» الأدبية في ايطاليا، إضافة الى مجموعة من المرافقين الأمنيين الذين وضعتهم الشرطة لحراسته، بعد أن وصلته تهديدات بالقتل اثر نشر كتابه، مما جعله دائم التنقل من مكان الى آخر متوارياً عن مافيا «كامورا» التي أصدرت الأمر بقتله. تسرد الرواية الوقائع المذهلة التي اكتشفها المؤلف أثناء تحقيقاته حول مافيا «كامورا» الإيطالية التي تنشر سمومها في أنحاء «كاسال» في منطقة نابولي. وتعتبر «كامورا» من أكبر المنظمات السرية اجراماً في أوروبا، حيث تعني «كا» زعيم و «مورا» الشوارع. وقد تغلغل «سفيانو» في بنيان هذا التنظيم الإجرامي العالمي الذي يمتلك سلسلة أعمال غير شرعية تسيطر على جزء من الاقتصاد العالمي، وتؤثر في مختلف الأسواق الأوروبية. وكان متواجداً في مسارح الجرائم، مراقباً نوافذ السيارات المهشمة ومعايناً جثث القتلى المثقوبة بالرصاص. صعق هذا الطغيان والإرهاب حواسه، وألهبت رائحة الجثث المحترقة ضميره، فاكب يكتب مشاهداته، واصفاً ردود فعله، ومتحدياً الظلم، وناشداً فضح ما يجري لمعاقبة المسؤولين عنه. ولم يعرض سفيانو رموزاً ومواصفات مبهمة وغير مباشرة، بل أدخلنا هذا العالم فعلياً واصفاً مجريات الأحداث بطريقة دراماتيكية وكأنها تسجيل وثائقي واقعي يعرض أمامنا مباشرة بالأسماء والأماكن والوقائع، مما جعل زعماء العصابة يطالبون برأسه. «غومورا» بالإيطالية، أو «عمورة» بالعربية المدينة الآثمة التي أبادها الله لطغيانها، اختارها الكاتب اسماً للتعبير عن الطغيان المهيمن على مدينة نابولي حيث ترعرع ونشأ في بيئة مملوءة بالفساد والجريمة والرعب. «غومورا» ليست مجرد رواية، انها سجل لسيرة أشخاص ومدينة تعيش كابوس الإرهاب يومياً. انها حكاية مواطن في الثامنة والعشرين عرض حياته للخطر متحدياً الظلم ومختاراً طريق اللاعودة، فأبرز اتهامات دامغة، بعد أن تحقق منها من خلال انخراطه بالعصابة. هذا الشاب الشجاع والثائر الذي ضاق ذرعاً بالإجرام الذي يسود مدينته، جعل من الكلمة سلاحاً للتصدي لوحشية الجرائم المرتكبة، فاضحاً ما لم يجرؤ أحد على إعلانه، فكانت روايته «غومورا» وثيقة تدين الفساد والإرهاب وعالم الجريمة.