قد يكون الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو من أفضل لاعبي كرة القدم على مر التاريخ، إلاّ أنهما لا يستوفيان المعايير "الشابة" لنادي لايبزيغ، مفاجأة الدوري الألماني والمتصدر في أول موسم له بين الكبار. ويعتبر لايبزيغ، الذي تملكه وتموله شركة "ريد بول" النمسوية لمشروبات الطاقة، مثالاً للطموح والمثابرة، إذ تأسّس في العام 2009، ويحقّق نتائجه اللافتة بفريق يفتقد الأسماء البارزة، وبلاعبين لا يتجاوز معدل أعمارهم 23 عاماً. خلف الكواليس، ينظر إلى المدير الرياضي رالف رانيك على أنه صاحب فضل رئيسي في وصول النادي إلى ما هو عليه، بعد أربعة أعوام على بدئه العمل معه حينما كان لا يزال في الدرجة الرابعة. بعد مرور 13 مرحلة من مغامرته الأولى بين الكبار، يتصدّر لايبزيغ "البوندسليغا" بفارق ثلاث نقاط عن البافاري بايرن ميونيخ، بطل الموسم الماضي وحامل الرقم القياسي في عدد الألقاب بالدوري. ولم يدفع التأهل إلى دوري الدرجة الأولى لايبزيغ للهاث خلف "الكبار"، بل اكتفى بمعظم لاعبيه في الموسم السابق، والذين شارك ثمانية منهم في مباراة السبت، والتي فاز فيها على شالكه (2-1). اعتمد رانيك (58 عاماً) استراتيجية التعاقد مع اللاعبين الشبان الواعدين، منهم القائد الحالي دومينيك كايتسر (28 عاماً). ولا يبدو أن رانيك سيحيد عن هذه الإستراتيجية، وأن لصالح لاعبين كبار أمثال نجمي برشلونة ميسي (29 عاماً) وريال مدريد رونالدو (31 عاماً). ورداً على سؤال عما إذا كان يمني النفس بالتعاقد مع أي من اللاعبين اللذين تناوبا على جائزة أفضل لاعب في العالم خلال الأعوام الماضية، هز رانيك برأسه وقال: "سيكون الأمر سخيفاً، أن نعتقد بأنهما قادران على العمل هنا. الإثنان متقدمان في السن وباهظان". خلال الفترة الماضية، ضم رانيك الجناح الإسكتلندي أوليفر بورك (19 عاماً) من نوتنغهام فورست الإنكليزي، ولاعب الوسط الغيني نابي كيتا (21 عاماً) والمدافع البرازيلي برناردو (21 عاماً) من سالزبورغ النمسوي التابع لنفس الشركة المالكة لناديه. ويؤكّد رانيك "نحن نملك أكثر فريق شاب في الدوري والأقل خبرة"، مقراً بأنه تفاجأ بالنجاح الذي حقّقه النادي، الوحيد في الدوري مما كان يعرف إبان الحرب الباردة بألمانياالشرقية. يضيف: "لا أدري إذا كان الأمر ثورة (كروية)، لكن من غير المألوف أن يجمع فريق 33 نقطة من 13 مباراة بعدما كان قبل ثلاثة أعوام ونصف عام في الدرجة الرابعة. أحد لم يتوقع هذا الأمر". لا يحظى لايبزيغ بإعجاب واسع في ألمانيا، إذ إن معظم متابعي كرة القدم ينظرون إليه على أنه أنشىء بهدف الترويج لمشروب الطاقة. ووصل الأمر بالمدير التنفيذي لبوروسيا دورتموند هانتس-يواكيم ليصف لاعبي لايبتزيغ ب"العبوات"، في إشارة لعبوات مشروب الطاقة. والأرجح أن فاتسكه أصيب بالإحراج بعد خسارة فريقه أمام لايبزيغ 1-صفر في أيلول (سبتمبر) على ملعب "ريد بول أرينا". ولم يقتصر رد لايبزيغ على أرض الملعب، إذ إن رانيك قال أيضاً "هذا يعني أن 11 'عبوة' تغلبت على 11 'علبة'"، وهي عبارة تستخدم في اللغة الألمانية المحكية، لوصف من يقدم أداءً متواضعاً. وسبق لرانيك أن اختبر مساراً مشابهاً لوضع لايبزيغ الحالي، إذ تولّى خلال موسم 2008-2009 تدريب هوفنهايم الذي هزم بايرن ميونيخ وتربع على الصدارة فترة، قبل أن ينهي الموسم في المركز السابع. ورأى رانيك أن السبب الذي يدفع جماهير الفرق الأخرى إلى الإمتعاض من أمثال لايبزيغ هو "أنه كلما أتى فريق جديد (إلى الدرجة الأولى)، ترى فيه جماهير الفرق المنافسة خصماً وعدواً. الأمر كان مشابهاً في هوفنهايم. لم نكن محبوبين في الدرجة الثانية، ثم ازدادت الكراهية عندما صعدنا إلى الدرجة الأولى". أضاف "ثم لعبنا ضد بايرن وتصدرنا، وحينها أصبح الجميع يشجعنا. هناك أناس، ليس في لايبزيغ وحسب، يرون أننا نستحق ما نحققه. المحايدون سيقولون إننا نستحق ما وصلنا إليه بفريق شاب كهذا". ورفض رانيك مقولة بأن لايبزيغ هو النسخة الألمانية لفريق ليستر سيتي، بطل الدوري الإنكليزي الممتاز الموسم الماضي للمرة الأولى. وقال "نتشارك الأحرف الثلاثة الأولى من إسمنا ولا شيء أكثر من ذلك"، مضيفاً "في موسم معتاد يكون اللقب من نصيب بايرن (ميونيخ)، لكن قد لا يكون الموسم الحالي اعتيادياً". وواصل: "المباراة ضدهم (بايرن في21 كانون الأول) لن تكون مصيرية بل مثيرة. الموسم الماضي، كنا الطرف المرشح للفوز في كل مبارياتنا (في الدرجة الثانية). هذا الموسم ليس لدينا شيء نخسره".