يواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مرحلة جديدة من التحديات الاجتماعية والسياسية والأمنية. اذ اعلنت النقابات اليسارية اضراباً مفتوحاً بدءاً من الثلثاء المقبل، لإلغاء قانون إصلاح نظام التقاعد الذي قررته الحكومة التي يرأسها فرنسوا فيون الذي يحظى بشعبية أكبر من شعبية رئيسه. وفرنسا مهددة بالشلل ابتداء من الثلثاء، إذا مضت نقابات العاملين في سكك الحديد والمصافي بالإضراب المفتوح الذي ينذر بدفع فرنسا الى الوضع الذي شهدته علم 1995، في بداية عهد الرئيس جاك شيراك الذي واجهت حكومته برئاسة آلان جوبيه اضرابات استمرت 15 يوماً. اما على الصعيد السياسي، حيث تشهد شعبية ساركوزي هبوطاً كبيراً في استطلاعات الرأي، فهو أمام مطب جديد مرده الى نشر مجلة «لونوفيل اوبسرفاتور» رسالة استقالة قدمها له وزير الخارجية برنار كوشنير في 25 آب (اغسطس) الماضي. ويشكو كوشنير في رسالته من «الإذلال» الذي يواجهه منذ فترة طويلة من مستشاري الرئيس في قصر الإليزيه، والذين يقول عنهم في رسالته انهم «يعتقدون بأنهم يحسنون خدمتكم». ويبدي كوشنير في هذه الرسالة شكره لساركوزي كونه عرض عليه خلال جلسة منفردة في 3 آب الماضي منصباً جديداً متعلقاً «بحماية الحقوق»، أُنشئ في إطار الإصلاح الدستوري. وتوقعت «لو نوفيل أوبسرفاتور» ان يغادر كوشنير منصبه قبل التعديل الحكومي الذي يعتزم ساركوزي القيام به. وعلمت «الحياة» ان كوشنير، وراء نشر تفاصيل هذه الرسالة، وأنه على وشك مغادرة الحكومة. وعانى كوشنير منذ البداية من تولي الأمين العام للرئاسة كلود غيان، للملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية من افريقيا الى سورية الى الخليج وتولي المستشار الديبلوماسي للرئيس، جان دافيد ليفيت للملفات المرتبطة بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة وروسيا وألمانيا والصين. حتى ان السفير في دمشق اريك شوفالييه، الناطق السابق باسم الخارجية، ينسق مباشرة مع الرئاسة وغيان متجاهلاً وزير الخارجية، علماً ان كوشنير كان وراء تعيينه سفيراً، نظراً الى الصداقة التي تجمعهما. وعلق رئيس الحكومة الاشتراكي السابق لوران فابيوس الذي كان يعرض السياسة الخارجية لحزبه، على الاستقالة المرتقبة لكوشنير بالقول ان كوشنير يأخذ مسافة مع سلطة كانت أخذت مسافة منه منذ البداية. وتوقع وزير الداخلية الفرنسي بريس هورتفو، وهو من أقرب المقربين من ساركوزي ان تخلف كوشنير في وزارة الخارجية التي يتولاها منذ 3 سنوات، وزيرة الاقتصاد والمالية كريستين لاغارد، التي تملك خبرة دولية واسعة. وتفيد بعض الإشاعات بأن غيان قد يتولى بنفسه الخارجية، لكن ساركوزي بحاجة إليه الى جانبه، للمساهمة في إعداد حملة انتخابات الرئاسة، التي تبدأ مطلع السنة المقبلة. علماً أن موعد الانتخابات في السنة 2012. وإضافة الى مشكلة كوشنير هناك إشارات عدة على وجود تنافس بين ساركوزي وفيون، الذي يحظى بشعبية تفوق شعبية رئيسه في أوساط اليمين الحاكم، على رغم كل المطبات الاجتماعية. ولمح فيون في اكثر من مقابلة انه ناضل مع ساركوزي لكنه مستقل في الرأي، حتى انه صرح ان «ساركوزي ليس أستاذي». وعززت هذه التصريحات التكهنات عن مغادرة فيون رئاسة الحكومة التي قد يلجأ ساركوزي الى إسنادها الى شخصية يمينية أخرى. لكن هذا الاحتمال يبقى غير مؤكد، وكل الأمور ما زالت مفتوحة بحسب الأوساط السياسية الفرنسية. ويواكب كل هذه المطبات التي يواجهها ساركوزي التخوف من عملية إرهابية تحذر منها السلطات الفرنسية منذ مدة.