تكثفت اتصالات موسكو مع كل من واشنطنوطهران وأنقرة وفصائل سورية محسوبة عليها، للوصول إلى ترتيبات في شرق حلب بالتزامن مع طرح مشروع قرار دولي في مجلس الأمن تضمن الدعوة إلى هدنة في المدينة، في وقت قُتلت طبيبة وممرضة في قصف على مستشفى روسي في حلب وتمكنت فصائل معارضة أمس، من استرجاع أحياء في شرق المدينة كانت القوات النظامية سيطرت عليها الأحد. (للمزيد) وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع واشنطن يقضي بخروج الفصائل من حلب، محذراً من أن بلاده ستعتبر «كل من يرفض الخروج إرهابياً وهدفاً مشروعاً». وأشار إلى «اقتراحات جديدة قدمتها واشنطن تنسجم مع موقفنا»، معرباً عن أمله في التوصل قريباً إلى اتفاق روسي- أميركي «ينهي قضية حلب» وينص على خروج جميع المسلحين من المدينة». وأوضح لافروف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفيليبيني في موسكو أمس، أن بلاده تصر على أن الاتفاق «يجب أن ينص بوضوح على خروج جميع المسلحين، وسيتم التعامل مع من يرفضون الخروج باعتبارهم إرهابيين. وسندعم الجيش السوري في عملياته ضد هذه العصابات المسلحة». وأضاف أن خبراء روساً وأميركيين سيبدأون العمل في جنيف قريباً، من أجل إتمام صوغ الاتفاق (الترتيبات)، مؤكداً أمل موسكو في نجاح الجهود الجارية لإنهاء أزمة المدينة وإعلان وقف إطلاق النار هناك وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. لكن فصيلين معارضين هما «حركة نور الدين الزنكي» و «جيش الإسلام» رفضا أي اقتراح لإخراج عناصرهما من الأحياء الشرقية لحلب، وأكدا العزم على القتال «حتى آخر نقطة دم». وأجري الموفد الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، محادثات في طهران مع نظيره الإيراني حسين جابري أنصاري تناولت آخر المستجدات في سورية والمحادثات التي يجريها الجانب الروسي في تركيا مع ممثلي فصائل معارضة، بمساعدة ممثلي الحكومة التركية، لتأمين خروج الفصائل المسلحة من حلب مع بقاء مؤسسات مدنية تديرها المعارضة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مستشفى عسكرياً روسياً قرب حلب تعرض لهجوم بقذائف هاون أمس، ما أسفر عن مقتل طبيبة وممرضة. لكن نشطاء معارضين قالوا إن الموقع هو نقطة عسكرية تابعة للجيش الروسي. وأقرت وزارة الدفاع الروسية بتحطم مقاتلة من طراز «سوخوي -33» في البحر المتوسط أثناء محاولة للهبوط على متن حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف» المتواجدة قبالة سواحل سورية، لتغدو المقاتلة الثانية التي تخسرها روسيا بالطريقة ذاتها خلال ثلاثة أسابيع. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القوات النظامية وميليشيات حليفة تمكنت من استعادة السيطرة على حي قاضي عسكر في شرق حلب. وأضاف أن قرابة ثلثي أحياء حلب الشرقية باتت تحت سيطرة القوات النظامية، بعدما كانت الفصائل تسيطر منذ العام 2012 على الأحياء الشرقية فيما تسيطر القوات النظامية على الأحياء الغربية من المدينة. وشنّت الفصائل هجوماً معاكساً تمكنت فيه من استرجاع عدد من الأحياء التي فقدتها منذ ليل الإثنين. وفي نيويورك، خيمت أجواء حبس الأنفاس على المجلس حتى الدقائق الأخيرة أمس، في انتظار موقف روسيا من مشروع قرار كان مقرراً أن يطرح على التصويت مساء، يدعو إلى هدنة في حلب خلال 24 ساعة تشمل كل العمليات العسكرية بما فيها القصف الجوي. وفيما استمرت الدول الثلاث الراعية مشروع القرار، مصر وإسبانيا ونيوزيلندا، في مشاورات مكثفة حتى ربع الساعة الأخير، قال ديبلوماسيون إن «البحث، خصوصاً مع روسيا، تركز على توقيت طرح مشروع القرار». وأوضحت مصادر أن البعثة الروسية في نيويورك «أصرت على إرجاء طرح مشروع القرار على التصويت»، معتبرة أن «مجلس الأمن يتحرك بسرعة ستقوض قناة المشاورات الثنائية بين الولاياتالمتحدةوروسيا حول سحب المقاتلين من حلب». وقال ديبلوماسيون إن روسيا تريد البحث في إخراج الفصائل من حلب قبل بدء أي هدنة هناك، وهو عكس ما يطرحه مشروع القرار الذي ينص على الهدنة أولاً، وفصل المعارضة نفسها عن «جبهة النصرة» ثانياً. وقال ديبلوماسي أوروبي من الدول الدائمة العضوية، إن بلاده «تدعم مشروع القرار الذي كان يجب أن يصدر قبل أسابيع عدة، وليس هناك ما يستدعي الاعتراض عليه من جانب روسيا». وأضاف: «دعونا روسيا إلى التصويت لصالح القرار أو على الأقل الامتناع عن التصويت، لأنه يشكل ضرورة ملحة، نظراً لفداحة الكارثة في حلب». وأضاف أن تصريحات وزير الخارجية الروسي الذي اعتبر فيها مشروع القرار المطروح «استفزازياً»، «انعكست في المشاورات الجارية في نيويورك»، في إشارة إلى تصلب في موقف المفاوضين من البعثة الروسية. إلى ذلك، عين تنظيم «داعش» الناطق الجديد وسمّاه «أبو الحسن المهاجر» الذي دعا عناصر التنظيم في سورية والعراق إلى الثبات في المعركة و «عدم الفرار». كما حض أنصار التنظيم في كل أنحاء العالم على مهاجمة «الحكومة التركية» وسفاراتها وقنصلياتها، رداً على تدخلها في سورية، بحسب التسجيل الصوتي الذي بثته «الفرقان».