أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أن اجتماعاً يضم الولاياتالمتحدة ودولاً أوروبية وعربية «ترفض منطق الحرب الشاملة» في سورية، سيُعقد في باريس في 10 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، في وقت استبقت روسيا طرح كل من فرنسا وبريطانيا مشروع قرار مشتركاً في مجلس الأمن نصّ على فرض عقوبات على مسؤولين في الحكومة السورية، بإعلان رفضها له، معتبرة أن الدول الغربية تهدف فقط الى إثارة «حملة دعائية». وقال آيرولت بعد اجتماع لمجلس الوزراء الفرنسي: «سأجمع في العاشر من كانون الأول الجاري في باريس، الدول الأوروبية والعربية والولاياتالمتحدة التي تدعم حلاً سياسياً في سورية وترفض منطق الحرب الشاملة». وأضاف: «آن الأوان ليستيقظ المجتمع الدولي لأن المأساة جارية أمام أعيننا». وجاءت تصريحات آيرولت في وقت تشهد الأحياء الشرقية لمدينة حلب في شمال سوريا الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، نزوحاً كثيفاً تحت وطأة هجوم عنيف تشنّه قوات النظام، خلّف دماراً هائلاً وموجة من الذعر، لا سيما أن هذه الأحياء تعاني من حصار مطبق من قوات النظام منذ أربعة أشهر. وتابع آيرولت: «لسنا شركاء (الرئيس السوري) بشار الأسد، ولا تهاون معه»، في ما يمكن اعتباره رداً ضمنياً على مرشح اليمين الفرنسي الى الانتخابات الرئاسية فرنسوا فيون، الذي تحدث عن وجوب التحاور «مع الجميع» في سورية، بمن فيهم الرئيس السوري وحليفته روسيا. وزاد الوزير الفرنسي: «هناك من يعتقد في فرنسا ربما، أن بشار الأسد يحمي الأقليات، لكن اليوم ما يقوم به هو تدمير كل المدنيين». واعتبر آيرولت أن «التهاون اليوم إزاء بشار الأسد (...) يرتب مسؤولية كبيرة على عاتق من يقوم به». في نيويورك، أكد السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين، أنه «لن يؤيد» مشروع قرار ينص على إجراء محاسبة على استخدام أسلحة كيماوية في سورية، كان نظيراه الفرنسي والبريطاني في الأممالمتحدة أعلنا أنهما يعدانه لطرحه على المجلس خلال ساعات. واعتبر تشوركين أن الدول الغربية تستخدم ملف الأسلحة الكيماوية في سورية في شكل سياسي لتركيز الاتهام ضد الحكومة السورية، «على رغم عدم وجود أدلة ذات مصداقية» حول ضلوعها في استخدام أسلحة كيماوية في هجمات عسكرية. وكان تحقيق أجرته لجنة دولية مشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، توصل الى إثبات قيام الجيش السوري باستخدام هذه الأسلحة في 3 هجمات بين عامي 2014 و2015، إضافة الى إثبات قيام تنظيم داعش بهجوم بغاز الخردل. كذلك، انتقد تشوركين دعوة كل من فرنسا وبريطانيا المجلس الى عقد جلسة من خارج جدول الأعمال لبحث الوضع في حلب. ولفت الى أن الجلسة في حال عقدت «يجب أن تبحث كل عناصر الأزمة بما فيها محاربة الإرهاب والمسار السياسي». وأشار الى أن فرنسا وبريطانيا «إنما تريدان عقد الجلسة لأغراض دعائية وحسب، على غرار ما تفعلانه كلما كانت المجموعات الإرهابية في وضع سيئ» عسكرياً. وأضاف تشوركين أن «جبهة النصرة أعطيت الفرصة سابقاً للخروج من حلب، لكنها رفضتها، وهو ما يعني أن الحكومة السورية ستواصل محاربة الإرهابيين وحدها، لأن المعارضة التي تسمى معتدلة لا تقوم بذلك». وأوضح أن روسيا لم تشن غارات على حلب منذ 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، متهماً «الادعاءات الأميركية» بخلاف ذلك بأنها مختلقة ولا تستند الى حقائق. وأضاف أن القتال سيستمر في حلب «بهدف استرجاع المدينة كاملة». وكان السفيران الفرنسي فرنسوا ديلاتر والبريطاني ماثيو ريكروفت أعلنا الثلثاء، أنهما يعتزمان تقديم مشروع قرار الى المجلس ينص على فرض عقوبات على مسؤولين في «النظام السوري» بسبب ضلوعهم في هجمات بأسلحة كيماوية، إضافة الى دعوة المجلس الى جلسة من خارج جدول الأعمال لبحث الوضع في حلب. وكان آيرولت قال بعد لقائه رئيس المجلس المحلي في حلب، بريتا حاج حسن، في باريس أمس، أن حلب «تشهد كارثة إنسانية مروعة تكاد تكون الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، وأن هذا ما حمل فرنسا على المطالبة باجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث الوضع الإنساني والعمل على إنقاذ سكان حلب». وأضاف في إشارة الى روسيا من دون تسميتها، أنه لا يمكن دولة عضواً في مجلس الأمن استخدام حق النقض (فيتو) ضد قرار كهذا، وأن على المجلس أن يتحمل مسؤوليته في إنقاذ السكان، مؤكداً أنه لا يمكن فرنسا أن «تحرف أنظارها وتترك هؤلاء يموتون». وشدد على ضرورة «وقف الحرب ومعاودة الحوار»، لافتاً الى أن فرنسا ستبذل كل ما في وسعها لإيجاد حل. ونفى حاج حسن وجود أي دور عسكري لتركيا في حلب. وقال أن المطلوب ليس المشاركة في الحرب إنما إنقاذ المدنيين. وأشار الى أنه جاء الى باريس «حاملاً صرخة 250 ألف مدني يصرخون للعالم لإخراجهم من حلب التي شهدت تصفيات موثقة لدى المجالس المحلية، وارتكبها النظام الذي يعدم الشباب ممن هم دون ال40 سنة من العمر». وتابع أن الحركة في حلب «شبه مشلولة نتيجة استراتيجية الأرض المحروقة التي يعتمدها النظام لإسقاط المدينة»، مؤكداً: «في حال سقوطها، فإن النظام يكون قد احتلها مجدداً، وسنعود لتحريرها والثورة ستنتصر».