فيما يتسع تأثير بوادر التغير المناخي ووَقعه، خصوصاً في منطقتنا العربية التي تعاني شحاً مائياً وتصحراً، ومع تنامي الدعوات إلى الاهتمام بالاستحقاقات البيئية الداهمة حفظاً لما سترثه الأجيال المقبلة، عقد امس في «فندق الخليج» في المنامة خبراء ومسؤولون عرب وأجانب يمثلون حكومات ومنظمات الأممالمتحدة المعنية مشاورات تحضيرية إقليمية، هي المرحلة الاخيرة من ضمن برنامج مشاورات عالمية شاملة، ل «برنامج الاممالمتحدة للبيئة» - المكتب الاقليمي لغرب آسيا (يشمل 12 دولة عربية، منها ست خليجية وست في المشرق العربي)، تحضيراً ل «توقعات البيئة العالمية - التقرير الخامس» (جيو-5) المتوقع صدوره عام 2012 ومساهمة فيه. ويُتوقع ان يتضمن التقرير تحوّلاً من «مرحلة تقويم المشاكل البيئية الاساسية نحو تقويم الحلول الاساسية»، ويشمل «تسريع عملية تحقيق الاهداف البيئية التي اتفق عليها مشاركون في فريق استشاري حكومي دولي في سويسرا في حزيران (يونيو) الماضي، وتحديد الخيارات الاستراتيجية المتعلقة بالتوعية البيئية للمواطنين والثغرات السياسية التي تعوق تحقيق الاهداف البيئية التي اختارتها المناطق». وهذا الحدث البيئي الذي يستمر يومين هو برعاية الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، محافظ المحافظة الجنوبية رئيس «الهيئة العامة البحرينية لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية»، ممثلاً بعادل الزياني، المدير العام ل «الإدارة العامة لحماية البيئة والحياة الفطرية البحرينية». وتشارك بالرعاية «طيران الخليج». ولفت في كلمة الافتتاح عادل عبدالقادر، المنسق الاقليمي ل «إدارة الانذار المبكر والتقويم لغرب آسيا» في «برنامج الاممالمتحدة للبيئة» إلى ان المنطقة العربية تعاني ندرة المياه وتدهور الاراضي والمناطق الساحلية والبيئة البحرية وتلوث الهواء. وأشار إلى مبادرات منها «المبادرة العربية للتنمية المستدامة» و «إعلان أبو ظبي 2001» وتقرير «توقعات البيئة العربية» لجامعة الدول العربية، بالتعاون مع «برنامج الاممالمتحدة للبيئة»، وهي مبادرات ذات اهداف بعضها يتوافق مع الاهداف العالمية وبعضها يلائم المنطقة فقط، مؤكداً ان أهدافاً كثيرة لم تتحقق بعد. ولفتت زهوة الكواري من «الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية» نيابة عن الزياني إلى ان التقرير الخامس سيحاول ان يقوّم المرحلة السابقة ويصحح مسار السياسات البيئية الاقليمية، وتابعت: «نطمح في البحرين ان تكون للخبراء البيئيين البحرينيين مساهمة فاعلة في هذا التقرير». ورأت مونيكا ماك - ديفيت، رئيسة قسم تطوير القدرات في الاممالمتحدة، ان «جيو- 5» يشمل نقطة تحول للدروس المستقاة من التجارب الوطنية والاقليمية في «جيو - 4» التي يمكن الاخذ بها في المناطق الاخرى، والتوفيق بين السياسات المختلفة وعقد شراكات جديدة بين الدول، وهناك الكثير من الدروس في هذا اللقاء. ونوقشت خلال الجلسات افكار ومحاور، منها السعي إلى خفض عدد صفحات «جيو - 5» وتكثيفها، مقارنة ب «جيو - 4» الذي تجاوز 500 صفحة، إلى 20 صفحة لكل إقليم، واختصار أربعة سيناريوات وردت في التقرير الرابع بسيناريو واحد في التقرير الخامس. واتفق المجتمعون على خمسة محاور رئيسة يجب ان يتضمنها «جيو - 5»، اولها شح المياه، ثم تدهور نوعية التربة فالطاقة ثم الحوكمة فالتغير المناخي. يُذكر ان اهم ما ورد في الملخص التنفيذي للتقرير الجديد ان متوسط حصة الفرد من المياه في الدول العربية يبلغ ألف متر مكعب سنوياً، ويتوقع انخفاضه إلى اقل من 500 متر مكعب بحلول عام 2025، وأن مساحة الدول العربية مجتمعة تبلغ 1406 مليون هكتار (10.8 في المئة من مساحة اليابسة) منها 90 في المئة اراض جافة او شبه جافة، في حين ان الاراضي الصالحة للزراعة لا تشكل سوى 14 في المئة، ولا يتعدى المزروع منها خمسة في المئة. وتبلغ الموارد المائية المتجددة في المنطقة 262500 مليون متر مكعب سنوياً، منها 226500 مليون متر مكعب مياهاً سطحية، تشمل 66 في المئة منها أنهاراً تنبع من خارج حدود هذه الدول، إلى جانب 36300 مليون متر مكعب موارد مائية جوفية متجددة و11874000 مليون متر مكعب مياهاً جوفية أحفورية. ويفتقر 83 مليون شخص في العالم العربي إلى مياه الشفة النقية ويحتاج 96 مليوناً الى خدمات الصرف الصحّي. ويتوقع بحلول 2025، ان تعاني كل الدول العربية من شح المياه، ما عدا السودان والعراق وجزر القمر.