في الوقت الذي أخذ بعض الحاضرين في التصوير والبعض الآخر في التجمهر من دون فائدة أبى هو أن يكون سلبياً، وهو يرى أمامه سيارة بها امرأة على مقربة شديدة من الموت. قام بالتمسك بباب السيارة حتى فتحه ومد يده لها ليخرجها، وما ان فعل ذلك حتى تدحرجت السيارة وظل هو متمسكاً بالمرأة على رغم شدة المياه وسرعتها ولم يتركها وهي تصارع الموت حتى وصل بها إلى بر الأمان. هذا الشاب الحائلي - الذي ربما وضعه الله سبحانه وتعالي في هذا المكان وفي هذا الموقف حتى ينقذ هذه المرأة من موت محقق - يجب أن يكرم تكريماً محلياً يليق بالشجاعة الرائعة التي تحلى بها. يجب ألا يمر موقفه هذا مرور الكرام، فالذي فعله هذا الشاب في ظل ما شاهدناه في الشريط هو في حد ذاته موقف أخلاقي وانساني رائع جداً يجب أن يتعلم منه الآخرون ويجب أن نتوقف عنده كثيراً. بل أقترح أن يحصل على مسمى أشجع رجل في العالم. الأسبوع الماضي توفيت عجوز في السبعين من عمرها في مكةالمكرمة، لأنها أبت أن تهرب من المنزل وتنقذ نفسها وهي تعلم ان في المنزل زوجها المسن، وعلى رغم النار والدخان واللهيب ظلت في منزلها بحثاً عنه، وهي لا تدري انه سبقها إلى الخارج، وخرجت من المنزل تعاني من صعوبة في التنفس، لأنها مصابة بالربو، وصعدت روحها إلى بارئها بعد ساعات. ما ذكر في سياق الخبر الأول أن صاحب السيارة المنجرفة قفز بعدما فشل في السيطرة على السيارة منقذاً نفسه حسبما ذُكر في الخبر وترك المرأة التي بجانبه تصارع وحدها الموقف، ولولا أن الله قيض لها هذا الشاب الحائلي الشجاع لكانت الآن في عداد الموتى. الأخلاق تنبع من الداخل، وهي في الأصل موقف يعبر عن نفسه، لا يحتاج إلى كلمات ولا أملك إلا أن أقدم دعواتي إلى السيدة المسنة التي أبت أخلاقها الخروج من المنزل بمفردها، واحتراماً وتقديراً كبيرين إلى هذا الشاب الشجاع الرائع الذي أبت أخلاقه ورجولته ترك امرأة لا حول لها ولا قوة تصارع الموت وحدها وتركه الشباب المتجمهرون يصارع بمفرده الموقف معرضاً نفسه لموت محدق في وقت انشغلوا هم بتشغيل جولاتهم، وانهمكوا في هواية التصوير! [email protected]