مع بدء عمليات الإجلاء الإجباري التي تنفذها الجهات الأمنية في محافظة العيص، تواصلت الهزات التي تتعرض لها المنطقة بدرجات متفاوتة في الارتفاع، مع ظهور مؤشرات خطرة جديدة تمثلت في تسجيل درجات حرارة مرتفعة في المياه، وتشققات أرضية في منطقة النشاط الزلزالي، رافقتها انبعاثات غازية، وتركيز في انبعاث غاز الرادون. وانتقلت حال الذعر والفزع التي تعيشها العيص إلى أهالي محافظة أملج، جراء الهزات الأرضية التي باتت تشهدها خلال اليومين الماضيين، وكان آخرها هزة ضربتها أمس ووصفت بالأعنف بتسجيلها 5.7 درجة على مقياس ريختر، وأجبرت السكان على ترك منازلهم في حين تعرضت ينبع البحر لهزة «خفيفة»، واستعدت قوات الدفاع المدني إلى نصب 2000 خيمة لإيواء مواطني ينبع في ساحات واسعة شرق المحافظة. وفي الوقت الذي رفض فيه بعض كبار السن الخروج من العيص، وتواجد الدفاع المدني في الموقع لإجبارهم على الإخلاء، أوضح مواطنون في أملج (تبعد عن العيص 90 كيلومتراً) أن الهزة القوية التي ضربت منطقتهم استمرت 30 ثانية، وأحدثت حال إرباك بين صفوفهم، «لعدم الثقافة المسبقة عن الزلازل والبراكين، ما أدى إلى تصرفات عشوائية من البعض، دفعتهم للخروج من المنازل باتجاه مخيمات الإيواء، فيما بقي البعض في المنازل ملتزمين بتعليمات الدفاع المدني». ومن المتوقع أن يزور أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد اليوم، العيص وينبع والقرى المجاورة ليقف على جميع التجهيزات الاحتياطية التي تم اتخاذها من قبل القطاعات الحكومية المعنية في مواقع الإيواء الطارئة التي تم تجهيزها، في حين أوضح أمير منطقة تبوك ل «الحياة» أن الأوضاع في المحافظة تسير بشكل طبيعي، ولا يوجد ما يعكر صفوها، داعياً المواطنين والمقيمين إلى اتخاذ الحيطة والحذر، وعدم الهلع والخوف، والتصرف بشكل طبيعي. فيما أكد الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة الأمير تركي بن ناصر ل «الحياة» الاستعداد لرصد جميع الأخطار هناك ومعالجتها، موضحاً «أن الخطورة التي نخشى منها هي التي تأتي بعد حدوث الزلازل من براكين وانبعاثات غازية من باطن الأرض». وقال: «وضعنا ثلاثة معامل آلية في مناطق العيص منذ بدء الهزات، لمراقبة الوضع هناك، كما أن ثلاثة معامل أخرى سترسل إلى منطقة العيص غداً (اليوم)، إلى جانب فريق كامل من الرئاسة». وفي غضون ذلك، لا تزال بعض القرى في مدينة العيص (تبعد عن البركان 30 كيلو متراً) تتعرض إلى عدد من الهزات المتتالية، ما أفزع سكانها كثيراً، خصوصاً وأن المنطقة تعاني من عدم توافر وسائل الاتصال بأنواعها . وتشير المعلومات الأولية إلى أن أعداد النازحين في تصاعد بعد الإخلاء الإجباري الذي بدأت جهات عدة تنفيذه وطاول المواطنين في القرى والهجر التابعة لمدينة العيص، مؤكدة أن الدفاع المدني في ينبع باشر تحديد شقق سكنية أخرى استعداداً لتزايد أعداد النازحين، بعد أن تتولى لجنة من الدفاع المدني والمالية تسجيل بيانات المواطن، ومن ثم تحقيق رغبته في السكن في عدد من الفنادق أو الشقق التي تم الاتفاق عليها في حضور عدد من مندوبيها. وهيأت لجان الدفاع المدني استمارات خاصة تشمل العمر والاسم والجنسية، وكذلك ساعة القدوم، إذ يتم تسليم المواطن رقم الشقة التي خصصت له، وتتولى لجنة من الدفاع المدني المرور على تلك الشقق ومتابعة أحوال النزلاء فيها. وفي سياق ردات فعل الجهات الحكومية مع تداعيات هزات العيص، بدأت إدارة التربية والتعليم للبنات في ينبع أمس توزيع استمارات على الفنادق والشقق المفروشة المحددة لاستقبال نازحي العيص، لحصر الطالبات فيها، ومن ثم توزيعهن على المدارس القريبة من مقر إيوائهن. ارتفاع في النشاط الحراري أكدت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أنها تراقب عن كثب النشاط الزلزالي في حرة الشاقة ( لونيير)، وأن محطات الرصد الزلزالي التابعة للشبكة الوطنية سجلت أعداداً كبيرة من الهزات الأرضية، أمتد الشعور بها إلى شمال المدينةالمنورة على مسافة تصل إلى 210 كيلومترات من مركز الهزات. وأوصت الهيئة باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية تحسباً لوقوع هزات قد تؤثر على القرى المجاورة لحرة الشاقة، وضرورة عدم التواجد على مسافة خمسة كيلومترات من حدود الحرة حرصاً على سلامة وأمن المواطنين، مؤكدة أنها تواصل إجراءات المراقبة المستمرة للنشاط الزلزالي والحراري وقياسات الغازات وقياسات الجاذبية الأرضية ومتابعة المتغيرات والمستجدات في المنطقة، مع متابعة معدلات الارتفاع في الآبار، الذي كشف وجود ارتفاع ملحوظ في قيم النشاط الحراري، إضافة إلى ارتفاع ملحوظ في قيم غاز الرادون. وكانت الهيئة وضعت أربع محطات جديدة للرصد الزلزالي ضمن الشبكة في المنطقة، لزيادة التغطية اللازمة بعدد كاف من المحطات، وسيضع الفريق الفني في الهيئة محطتين إضافيتين خلال اليومين المقبلين. كما وجهت سابقاً الدعوة إلى أعضاء اللجنة الاستشارية للزلازل لعقد اجتماع طارئ، بهدف الوقوف على الوضع الراهن في المنطقة، ووضع مرئياتها وتوصياتها العلمية في هذا الخصوص. وأوصت اللجنة بضرورة إخلاء المنازل المتهالكة والمتصدعة والمبنية من الطين، وجرى إبلاغ مسؤولي الدفاع المدني بتوصيات اللجنة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.