أكدت لجنة أميركية وزارية رفيعة المستوى، أن تحقيق مبادرة الرئيس باراك أوباما بمضاعفة الصادرات الأميركية خلال خمس سنوات، يتطلب من واشنطن حشد طاقاتها الديبلوماسية والمالية والمعلوماتية والترويجية لفتح مزيد من قطاعات أسواق السعودية ونخبة من الاقتصادات الواعدة السريعة النمو مثل أندونسيا وجنوب أفريقيا وتركيا، إضافة إلى البلدان ذات الكثافة السكانية الضخمة لا سيّما الصين والهند والبرازيل، أمام المصدرين الأميركيين. وحذرت اللجنة في تقرير رفعته إلى الرئيس أوباما نهاية الاسبوع الماضي، بعد ستة شهور من تشكيلها بقرار رئاسي، من أن «زيادة قيمة الصادرات الأميركية من 1.6 تريليون دولار حالياً إلى 3.14 تريليون بحلول العام 2015 لن يتحقق ما لم تحصل الشركات والمزارعون ورجال الأعمال الأميركيون على التشجيع الكامل والدعم الذي يحتاجون إليه في بحثهم عن قطاعات وأسواق جديدة لبضائعهم وخدماتهم». وشددت اللجنة التي تضم وزراء الخارجية والخزانة والزراعة والتجارة والعمل والطاقة، على أن مبادرة الصادرات تشكل تحولاً تاريخياً في مسار الولاياتالمتحدة. وحذّرت أميركا ودول العالم، من أن «أميركا لا تستيطع العودة إلى إقتصاد يحركه الاقتراض والاستهلاك. فلكي نضمن لاقتصادنا نمواً قوياً، لا بد للعالم من أن يقلل من اعتماده على الاستهلاك الأميركي، كما لا بد لنا من أن نبيع مزيداً (من بضائعنا وخدماتنا) إلى بقية العالم». وأوضحت اللجنة، التي وفي تأكيد إضافي على مدى ضخامة المهمة الملقاة على عاتقها وضمت مسؤولين كباراً من بينهم الممثل التجاري للولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي ورئيس بنك الصادرات والواردات، أن «العنصر الأساس في مبادرة الصادرات، يتمثل في مساعدة أميركا على الانتقال من أزمة المال الاقتصادية الأكثر حدة في تاريخها الحديث، إلى انتعاش اقتصادي مستدام يسهم في خفض معدل البطالة». واعترف وزير التجارة الأميركي غاري لوك بأن مبادرة الصادرات تتسم بدرجة عالية من الطموح، إذ لفت إلى أن صادرات أميركا، وعلى رغم ارتباط واشنطن باتفاقات التبادل التجاري الحر مع 17 بلداً (من ضمنها 4 دول عربية) تستورد بمجموعها 42 في المئة من صادرات السلع والبضائع الأميركية، إلى أنها لا تشكل سوى 11 في المئة من ناتجها المحلي، بينما تصل هذه النسبة المهمة في ألمانيا إلى نحو 50 في المئة. لكن لوك سلّط الضوء على ما عنته اللجنة بحشد الطاقات، مشيراً إلى أن اتفاقاً عقدته الحكومة الأميركية مع الصين في آذار (مارس) الماضي، أعاد فتح سوق تستوعب 250 مليون دولار سنوياً من الصادرات الأميركية، إضافة إلى أن وزارة التجارة نجحت في إزالة 50 عقبة واجهتها الشركات الأميركية الناشطة في التصدير إلى 33 بلداً ورفعت 120 دعوى لصالح المصدّرين والمستثمرين الأميركيين. وأضاف، أن وزراة التجارة «بتنسيق وثيق مع وزارة الخارجية وهيئات أخرى (أميركية) ساعدت الشركات الأميركية على التنافس بنجاح للحصول على عقود من حكومات أجنبية بلغت حصة المحتوى الأميركي منها 11.8 بليون دولار ودعمت 70 ألف فرصة عمل منذ كانون الثاني (يناير) الماضي». ولفت إلى أن «مجلس الصادرات» المشكل حديثاً برئاسة المدير التنفيذي لشركة «بوينغ» جيم ماك نيمي، أطلع الرئيس أوباما في إجتماع عقد الخميس الماضي على أن الجهود الحكومية ساعدت على زيادة الصادرات الأميركية 18 في المئة وزيادة صادرات الانتاج الصناعي 22 في المئة منذ بداية السنة الحالية. ولاحظ أن مساهمة الصادرات في نمو الناتج المحلي جاءت مماثلة لمساهمة الانفاق الاستهلاكي في الفصول الأربعة الأخيرة. ووجه وزير التجارة الأميركي تحذيراً صريحاً إلى شركاء أميركا التجاريين، مشددً على أن «أميركا تبقى أكثر الاقتصادات العالمية الرئيسة انفتاحاً، وكان ذلك مفيداً لنا ولاقتصادنا، لكننا لن نكف عن الاصرار على أننا، إذا كنا نمنح الدول الأجنبية ميزة الوصول إلى أسواقنا، فلا بد من أن تعامل شركاتنا بالمثل في الطرف الآخر». وأضاف: « في إطار مبادرة التجارة، ستزيد الحكومة تركيزها على إزالة الحواجز التي تمنع الشركات الأميركية من الوصول إلى الأسواق الأجنبية بحرية وإنصاف». وأوصت اللجنة، إضافةً إلى ما وصفه ب»أسواقنا التقليدية» وتحديداً كندا والمكسيك ودول الاتحاد الأوروبي واليابان، بتركيز جهود زيادة الصادرات على البلدان الكثيفة السكان المشار إليها، ونخبة من الاقتصادات الواعدة بفرص ضخمة للتصدير، تضم إلى جانب السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا كلاً من أندونيسيا وكولومبيا وفيتنام. وقالت إن تحديد هذه النخبة تم وفق معايير الحجم السكاني والناتج المحلي وسرعة النمو الاقتصادي.