ارتدت زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ضريح سلفه عدنان مندريس أمس، في الذكرى ال 49 لإعدامه بعد الانقلاب العسكري العام 1960، طابعاً رمزياً، في إطار تأكيد بدء مشروع محاسبة العسكر في تركيا، وأن الاستفتاء الذي أظهر تأييد الشعب لتعديلات دستورية تقلّص صلاحيات الجيش وترفع الحصانة عن الانقلابيين، يشكّل بداية عهد إنصاف الذين ذهبوا ضحية الانقلابات العسكرية، وأوّلهم مندريس. تزامنت الزيارة الرمزية للضريح مع فتح المدعي العام تحقيقاً في طلب منظمات أهلية يسارية ويمينية، محاكمة قائد انقلاب 1980 الرئيس السابق للأركان وللجمهورية كنعان افرين، ومساعديه: القائد السابق للبحرية نجاد تومير، والقائد السابق لسلاح الجو تحسين شاهين كايا، بوصفهما شريكي أفرين في التخطيط للانقلاب وتنفيذه. لكن حقوقيين أكدوا أن من المبكر التأكد من أن أفرين (93 سنة) سيُحاكم، لوجود بعض العقبات القانونية، وأهمها مرور 30 سنة على الانقلاب، ولكن من الممكن استدعاؤه للإدلاء بأقواله أمام المدعي العام، قبل اتخاذ قرار بمحاكمته أو إسقاط التهمة عنه. وأُعدم حوالى 50 شخصاً بعد انقلاب 1980، واعتُقل مئات الآلاف، كما عُذب كثيرون، ونفي مئات خلال احتجازهم، فيما اختفى عديدون. لكن افرين يدافع عن الانقلاب، مؤكداً ان تدخل الجيش كان ضرورياً، لإنهاء سنوات من العنف بين فصائل يمينية ويسارية، أودت بحوالى 5 آلاف شخص. وبقي افرين رئيساً حتى العام 1989. ويأتي درس فتح تحقيق مع افرين وتومير وشاهين كايا، بعدما طلبت جمعيّتا «نعم للاستفتاء لكن نريد المزيد» اليسارية، و»مظلوم دار» اليمينية، رفع قضية لدى المدعي العام، إثر سقوط الحصانة عن أفرين بالتعديلات الدستورية التي صوّت عليها الشعب التركي بنسبة 58 في المئة. على صعيد آخر، اتهم سياسيون أكراد الجيش التركي بعرقلة حوار سري بينهم وبين الحكومة، من أجل تسوية القضية الكردية وتثبيت وقف النار مع «حزب العمال الكردستاني» المحظور. وبعد تفجير لغم أرضي في إحدى قرى محافظة هكاري جنوب شرقي البلاد، على الحدود مع العراق، أدى الى مقتل 9 أكراد بينهم امرأة وطفل الخميس، اتهم صلاح الدين دميرطاش رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي «أيدي خفية» داخل الجيش بتدبير الحادث، لإلقاء التهمة على «الكردستاني» وعرقلة لقاء سري كان يُفترض أن يجمع دميرطاش مع جميل شيشيك نائب رئيس الوزراء ووزير العدل عبدالله أرغين. وقال دميرطاش: «كلما رُتّب لقاء بين الحكومة وحزبنا لمناقشة مسائل مهمة، يُنفّذ هجوم دموي غريب لعرقلته، الى درجة أننا رتبنا اللقاء هذه المرة بسرية تامة، ولا أحد يعرف به سوى من كان يتنَصت على هواتفنا أثناء ترتيبه، وهدف الهجوم استفزاز الشارع وعرقلة الحوار، من أجل رفض أي تسوية سلمية للقضية الكردية، لذلك لا يمكن ان يكون حزب العمال الكردستاني المسؤول عن الهجوم». وربط دميرطاش بين التفجير والاستفتاء، قائلاً: «هذه التفجيرات وتصعيد التوتر في القضية الكردية، هي الأمل الوحيد الباقي للذين يقاومون التغيير في تركيا ويرفضون نتائج الاستفتاء». واستشهد بالعثور على أسلحة ومتفجرات وحقائب للجيش التركي، قرب مكان الحادث. لكن أردوغان رفض ما ذهب إليه دميرطاش، محملاً «الكردستاني» مسؤولية الحادث، فيما كشفت الاستخبارات التركية اتصالات هاتفية بين أكراد موالين ل «الكردستاني» رتبوا وضع تلك الأدلة العسكرية قرب مكان التفجير، للعثور عليها واتهام الجيش. واعتبر جواد أونيش نائب مدير الاستخبارات سابقاً أن تفجير هكاري «مهم جداً، ويشكّل إشارة إطلاق مشفرة»، مشيراً الى وجود جماعات داخل «الكردستاني» تتبع قوى خارج تركيا وداخلها، وتنفّذ هجمات بناءً على تعليماتها ودعمها. جاء ذلك فيما أعلنت الشرطة التركية جرح 10 بينهم 6 شرطيين، بتفجير قنبلة قرب مرآب لسيارات الأجرة في هكاري، بعد تشييع اثنين من أبنائها قُتلا في هجوم الخميس. وشهد التشييع صداماً بين شرطة مكافحة الشغب ومتظاهرين رشقوها بالحجارة.