يعتبر الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي تحاول اللجنة العربية الدائمة إقراره نهاية لتجارب طويلة لجامعة الدول العربية لتبيت مادة موحدة للدول الأعضاء في هذا المجال الحساس. فقد أنشأت الجامعة لجنة تعنى بحقوق الإنسان عام 1968، وهي من أقدم اللجان الإقليمية التي تعنى بحقوق الإنسان، وكان من أهم أهدافها حينما أنشئت، وضع ميثاق عربي لحقوق الإنسان، وانتهت اللجنة من إعداده في 1994 بعد 30 عاماً، وأقره مجلس جامعة الدول العربية في أيلول (سبتمبر) من العام نفسه، ثم قامت اللجنة بتحديثه عام 2003 بعد تسع سنوات، وانتهت من التحديث في كانون الثاني (يناير) 2004. وجاء الميثاق العربي لحقوق الإنسان بعد تحديثه، متوافقاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، اذ استرشدت اللجنة أثناء صياغتها للميثاق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ووضع هذا الميثاق أسس حقوق الإنسان الحر من الولادة إلى الوفاة في كل مراحل الحياة المختلفة للإنسان العربي، فتم وضع بنود خاصة عن المرأة والطفل والزواج والأسرة والحقوق العامة والخاصة. وبعد أن تولى عمرو موسى الأمانة العامة، أنشأ إدارة خاصة لحقوق الإنسان تتبع للقطاع الاجتماعي، تعمل كأمانة فنية للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، فتشارك في اجتماعاتها، وتقوم بوضع مشاريع جداول أعمالها، وكتابة تقاريرها وتوصياتها، وعرض هذه التوصيات على مجلس جامعة الدول العربية ومتابعة تنفيذها، كما تتابع أنشطة حقوق الإنسان على المستوى العربي والإقليمي والدولي. وفي إطار انفتاح الجامعة نحو منظمات المجتمع المدني، تم وضع معايير جديدة شملت المنظمات ذات الطابع القومي، والتي لم تتضمنها المعايير السابقة لحضور المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان في اجتماعات اللجنة بصفة مراقب، ووصل عدد هذه المنظمات التي تحضر اجتماعات اللجنة في الوقت الحالي إلى 18 منظمة غير حكومية. وتتمثل أهم إنجازات اللجنة في إقرار الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، مع وضع معايير وضوابط لمنح صفة مراقب في اجتماعات اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية. وتعتبر اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان أول لجنة دائمة في جامعة الدول العربية تسمح للمنظمات غير الحكومية بحضور اجتماعاتها. وتقوم اللجنة في الوقت الراهن بدرس موضوع «تعليم حقوق الإنسان في المراحل الدراسية المختلفة في الوطن العربي»، وتم تكليف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بإعداد دراسة حول هذا الموضوع بناءً على قرار مجلس الجامعة، وستناقش اللجنة هذه الدراسة في دورتها المقبلة ال20، بعد أن تعيد صياغتها لجنة مشكّلة من الخبراء الحكوميين المتخصصين، وهي اللجنة التي دعت إلى إنشائها اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، وستقوم الأمانة العامة بعرض هذه التوصيات على اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، تمهيداً لعرضها على مجلس جامعة الدول العربية. وقامت إدارة حقوق الإنسان في الجامعة بتجميع 20 اتفاقاً عربياً بينياً في مجالات عدة منها الثقافية والاجتماعية والعمل والاقتصادية وحقوق الطفل والاتفاق الخاص بالإعلانات والإنابات القضائية، وذلك بهدف تفعيل ما له صلة بحقوق الإنسان في هذه الاتفاقات. وتدعو اللجنة الدول العربية إلى التصديق على الاتفاقات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، مع التأكيد على أهمية هذه الدراسة وعلى ضرورة اعتمادها كورقة مرجعية للدول الأطراف في جامعة الدول العربية، وأن يواصل الخبراء دراساتهم عن الاتفاقات العربية البينية، وتخصيص البعض منها لدراسات معمقة بحسب الموضوع وبحسب أهميتها في منظومة حقوق الإنسان العربية على ضوء الملاحظات التي انتهت إليها اللجنة، وتتولى الأمانة العامة للجامعة دعوة اللجنة إلى الانعقاد للنظر في ما انتهى إليه الخبراء من دراسة. وأخذت اللجنة على عاتقها دعوة الدول العربية إلى التصديق على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، لكي يدخل حيز النفاذ وهى خطوة مهمة وضرورية لتفعيل حقوق الإنسان فى الوطن العربي.