تصاعدت حدة السجال في لبنان امس، على خلفية الهجوم الذي شنه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على الحكومة وفرع المعلومات ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، اضافة الى موضوع المحكمة الدولية وشهود الزور. ودعا وزير العمل بطرس حرب عون إلى سحب وزرائه أو محاسبتهم، «إذ لا يجوز شن حملات ضد وزراء في حكومة يشارك هو فيها، ولا يجوز البقاء في السلطة وشتمها في آن معاً». وسأل: «لماذا سكت العماد عون طيلة هذه المدة؟ لماذا اليوم يخبرنا عن الإصلاح وهو لم يعمل شيئاً لأجل الإصلاح؟ ما هو السر أو الزر الذي كبس حتى تحركت كل هذه الأبواق وفتحت ابواب جهنم على السلطة وعلى الوحدة الوطنية. اذا لم تعجبهم الحكومة فليعلنوا انسحابهم منها وليتحمل كل واحد مسؤوليته». وأكد وزير الدولة جان أوغاسبيان في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» أن «البعض في الداخل يقود معركة إسقاط المحكمة الدولية الخاصة بلبنان». وإذ شدد أوغاسبيان على أن «أمور المحكمة مستمرة على الصعيد القضائي حتى اتضاح الحقيقة»، لفت إلى أن «مجريات التحقيق ليست خاضعة لحسابات سياسية داخلية أو خارجية». ورأى أن «كل الأمور يمكن حلها بالعودة إلى الدولة اللبنانية وحماية المؤسسات الشرعية»، داعياً إلى «وقف كل هذه الحملات العشوائية والعودة للحوار الوطني في هذه المرحلة الصعبة لحماية السلم الأهلي». وحذّر اوغاسبيان من أن «المواقف والتهديدات التي يطلقها البعض وما نسمعه من دعوات للانقلاب على المؤسسات الشرعية، عوامل تؤدي إلى تنامي المخاوف من الفوضى السياسية، وطرح أسئلة حول إمكان استمرار التهدئة». «الحملات تتطلب توضيحاً» وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون بعد لقائه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة: «يحمل إلينا الخريف المزيد من الغيوم السياسية المثقلة بالمزايدات والحملات على رموز كبيرة، في طليعتها رئيس الجمهورية، والاستهداف للمؤسسات القضائية والأمنية، وصولاً الى الدعوة إلى عصيان مدني والى التهجم على دول عربية صديقة بأسلوب تحريضي مرفوض». وأضاف: «تذكرنا الحملة الحالية على الرئيس سعد الحريري بالحملة التي استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل اغتياله، والتي كانت شبهت في حينها بالاغتيال السياسي خصوصاً أن ما يجرى هو محاولة الطعن بالدولة والمؤسسات وإضعافها، والإطاحة بالمحكمة الدولية، وتحويل الاستقرار الى رهينة في وجه المحكمة، في حين ان المحكمة أصبحت جزءاً من القانون الدولي»، ورأى ان «هذه الحملات تأتي بعد زيارات الى دمشق لإعطاء الانطباع بأن هناك تشجيعاً أو توجيهاً أو نيلاً للإذن لحملات على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهذا كله مخالف لخطوات الانفتاح والتعاون المؤسساتي، ويستوجب توضيحاً لئلا يزيد هذا الانطباع». وأشار الى «ان ما يجرى يشكل نسفاً لمقررات الحوار الوطني وتسوية الدوحة والبيان الوزاري». وشددت النائب بهية الحريري خلال عقد «اللقاء التشاوري الصيداوي» في مجدليون بدعوة منها وبمشاركة الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، على «التمسك بالمحكمة الدولية من دون استباق قراراتها بأي نوع من أنواع التأويل وترك الأمور لها للقيام بدورها بعيداً من المهاترات التي تشهدها الساحة الداخلية»، مشيرة الى ان «المطلوب هو العدالة وليس الثأر ولا الانتقام». وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري، ان «الرئيس سعد الحريري يتحدث بلغة واحدة، وبموقف واحد، خصوصاً في المواضيع المطروحة اليوم». وشدد في حديث ل «المؤسسة اللبنانية للإرسال» على ان «تيار المستقبل وقوى الرابع عشر من آذار مصرون جميعاً على فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية - السورية. وما قام به الرئيس الحريري، في هذا الصدد، ليس بخلفية مناورة ولا بخلفية قناعة مفروضة إنما بقناعة كاملة تعبر عن رأيه ورأي تيار المستقبل مدعوماً من كل قوى الرابع عشر من آذار بلا استثناء». وقال: «العلاقة اللبنانية - السورية واضحة وصريحة وممتازة الى درجة لا تحتاج معها الى وسطاء، كما انها تحتاج الى جهد بعدما كانت مهزوزة لفترة طويلة». وعن غياب نفي سوري لما يبث من تسريبات وأخبار عن لسان المسؤولين السوريين عما دار بين الرئيس بشار الاسد والرئيس الحريري، اعتبر أن «الجانب السوري غير مضطر لنفي او لتوضيح كلام لم يصدر عنه، ولكل صحافي حقه الكامل في التعبير عما يراه، ولكن ليس بالضرورة ان يكون هذا الكلام حقيقة»، لافتاً الى «ان سورية ليست في مجال الاتهام». ورأى ان «هناك خطورة واضحة من موضوع الانقلاب، ولكن المظلة الإقليمية التي تمثلت بالقمة الثلاثية ما زالت تشكل درعاً واقية وحصناً مريحاً للبنانيين». ولفت حوري الى «ان هناك ارباكاً ما في موضوع شهود الزور وفق ما أتى بالإعلام»، مطالباً «بتوضيح هذا الموضوع والذهاب به الى ابعد الحدود، وبكشف من يقف وراء شهود الزور ومن أعدهم أو أرسلهم». وأسف عضو الكتلة نفسها النائب هادي حبيش في حديث إلى إذاعة «لبنان الحر» لأن «رئيس ثاني أكبر تكتل نيابي في البلد (عون) يدعو المواطنين إلى عدم الامتثال للأجهزة الأمنية»، واصفاً الدعوة بأنها «تحريض على الانقلاب على الدولة والمؤسسات، وسابقة في تاريخ لبنان». وقال: «هذا عمل ميليشيوي ولا يحق لأي نائب أو مسؤول أن يعترف بمؤسسة من دون أخرى أو بشخص من دون الآخر»، معتبراً أن «هناك تكاملاً بين السيد وعون ليس فقط في دعم المشروع الأساسي لحزب الله، بل لوقف تمويل المحكمة الدولية وإلغائها». وعن امكان ان تكون سورية وراء الهجوم على الدولة اللبنانية، قال: «المعطيات المتوافرة تشير الى انها ليست وراء ما يحصل، ولكن المواطنين يسألون عما إذا كانت صدفة ان الذين يشنون الهجوم على الدولة كلهم حلفاء لسورية، وهل من الصدفة ايضاً أن يتناغموا معاً؟». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا في حديث إلى «أخبار المسقبل»، «ان المواجهة واضحة وعنوانها المحكمة التي شكلت مظلة امان للحياة السياسية في لبنان في الحد الأدنى، وعلى رغم عدم وصولنا الى الحقيقة والعدالة، فقد توقفت الاغتيالات منذ إنشاء هذه المحكمة». واعتبر أن «الحملة على المحكمة الدولية ليس مفاجئاً لنا، وما الحديث عن عدم شرعية القرارات التي اتخذتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، الا للنيل من المحكمة»، مؤكداً ان الهدف «هو الغاء اي امكانية للسير بالمحكمة». ولفت الى ان «حزب الله والفريق الآخر يعلنان اليوم عدم ضمان الاستقرار، اذا لم تسقط المحكمة، وهذا تهديد جديد عبر العبث بالاستقرار بواسطة السلاح غير الشرعي». واعتبر زهرا ان «كل ما يقال من قبل الحلفاء المباشرين لسورية إذا كان خارجاً عن موافقتها، يعني ان الموقف السوري في لبنان قد أصبح ضعيفاً». وأعرب النائب دوري شمعون عن استيائه من «تصرفات النائب عون وتصريحاته»، مشيراً الى ان «عون يأمل من خلال جنونه في الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية، لأنه مجنون كرسي». وعزا شمعون الهجمة التي يقوم بها البعض على المحكمة الدولية والسلطة، الى ان «هؤلاء يعتبرون ان هذه المحكمة يمكن ان تطاولهم بشيء وهم يحاولون اغلاقها سلفاً». معارضة وفي المقابل رفض عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» كلام الأمانة العامة لقوى 14 آذار عن انقلاب على الدولة، معتبراً أن «هذه التوصيفات لا تعبر في شكل صحيح عن المواقف التي أطلقت، فالمسألة ليست مسألة انقلاب»، معتبراً أن «حال الدولة يرثى لها ومستوى الانحدار في أداء المؤسسات بلغ وضعاً مريعاً وهذا ما يبرر رفع الصوت أحياناً ويجعلنا نتفهم بعض المواقف التي تطلق». وأكد أن «حزب الله ينتظر خطوات اضافية في ما يتعلق بشهود الزور باتجاه ترجمة ما أطلق من مواقف لأن غير ذلك لن يكون كافياً»، مشدداً على أن «المطلوب تحويل المواقف السياسية الى موقف قضائي واضح في ما خص هؤلاء الشهود». ولاحظ فياض أن «التهدئة التي سادت قبيل الفطر لا تعني أبداً أن البلد في حال جيدة»، مشدداً على أن «الوضع السياسي ليس كما يجب الآن والاتجاه العام لا يؤشر الى أن الأمور تسير في الاتجاه المطلوب». ولفت إلى أن «حزب الله لا يزال متريثاً في ما خص حديث الرئيس سعد الحريري ل «الشرق الأوسط»، معتبراً أن «كلام رئيس الحكومة خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية ويجب أن تعقبها خطوات أخرى لكشف حقيقة شهود الزور لأن معرفة الخلفيات ومن مولهم ومن صنعهم قد تساعد على معرفة الحقيقة وتصحيح السيناريوات المطروحة اليوم»، محذراً من أن «كل محاولة لطمس موضوع هؤلاء الشهود وتمييعه والتفتيش له عن مخارج تعني تضييعاً للحقيقة». وأيد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب حكمت ديب دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى التهدئة «عندما تصب هذه التهدئة في خدمة عدم توتير الأجواء مجاناً»، رافضاً و «تحت ستار التهدئة السكوت عن أمور شاذة لأن ذلك يشعل ناراً تحت الرماد». وقال ديب ل «وكالة الأنباء المركزية» ان «الصرخة التي يطلقها عون تعبر عن سخط وألم ووضع شاذ يجب ألا يستمر»، داعياً الى «تفهم هذا الموضوع والرد على المسائل المطروحة بالتفصيل وبحسب المسؤوليات والمواقع ونطلب الى المسؤولين عموماً بمن فيهم فخامة الرئيس الرد على كل تساؤلاتنا وهواجسنا والثغرات التي اشرنا اليها والتجاوزات الحاصلة وبذلك فقط تهدأ الأجواء».