ليس في مستطاع حكومة كولومبو القومية تحدي العالم كله، على شاكلة عسكريي بورما، من غير سند خارجي. وتقدم الصين السند هذا. فالعام الماضي، أصم العسكريون ببورما آذانهم عن نداء الأممالمتحدة، ونداء الرابطة الوطنية في سبيل الديموقراطية التي ترأسها أونغ سان سوكيي، ودعوتهما الى انقاذ ضحايا الإعصار أولاً، عبثاً. ولعل عجز المجتمع الدولي في سريلانكا أوضح منه في بورما. فكولومبو لم تتعرض للتنديد، وانتخبت الى مجلس حقوق الإنسان. وعلى شاكلة بورما، يسع سريلانكا التعويل في مجلس الأمن على حمايتها، وعلى اقتراع بكين وموسكو الى جانبها. وفي أيار (مايو) 2008، رفضت الدولتان الأخذ بمبدأ المسؤولية عن الحماية، الذي أقرته قمة الأممالمتحدة في 2005، وكان شأنه تيسير إغاثة بورما بعد الإعصار. ويومها، اقترعت الصين وروسيا، ومعهما فيتنام وتركيا وليبيا واليابان، ضد «هدنة إنسانية» بسريلانكا اقترحتها الدول الغربية. وعللت اقتراعها بصفة الصراع الداخلي. والصراع الداخلي لا يتهدد الأمن الدولي، وليس التطرق اليه من مهمات الأممالمتحدة ولا مجلس الأمن، والحجة نفسها سبق سوقها حين تطرقت المناقشة الى التيبت والشيشان وزيمبابوي، أو حتى الى دارفور. ولا ريب في أن نهج «النمور» التاميل المستعجل والمبتسر، ومنظمتهم على لائحة المنظمات الإرهابية التي أقرتها الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، سوغ السياسة المتلكئة هذه، والتعاطف مع كولومبو في «حرب قذرة» أودت بنحو 70 ألف نفس في غضون ربع قرن. ويسدد المدنيون ثمناً باهظاً لانصراف المجتمع الدولي عنهم. والحق أن سريلانكا وبورما تتمتعان بموقع جغرافي استراتيجي. فالأولى جزيرة كبيرة تقع جنوب شبه القارة، وهي مرصد حركة التجارة البحرية الدولية في المحيط الهندي. وبورما مفترق العالمين الصيني والهندي على خليج البنغال. ولم يفت خطر الموقعين بكين. فتحولت الى حليف النظام الحاكم في بورما الأول، سياسياً وعسكرياً. وأحكمت نفوذها الاقتصادي على الجار الجنوبي. فأنشأت سداً مائياً، وتخطط لمد خط أنابيب من خليج البنغال الى يونان فينقل نفط الشرق الأوسط من غير المرور بمضيق ملقة. والصين هي مصدر القروض والهبات الأول الى سريلانكا. وهي تحرص على تكثير محطات التموين من الشرق الأوسط وأفريقيا بين مضيقي هرمز وملقة. * صحافي، عن «ليبراسيون» الفرنسية، 14/5/2009، إعداد و.ش