دخل الرئيس اللبناني ميشال سليمان على خط التصعيد الكلامي الذي طبع المشهد السياسي اللبناني خلال الأيام الماضية، فدعا الى «وقف التشكيك بالمؤسسات الدستورية والشرعية والقضائية وتخطيها أو تهديدها» وشدد على أهمية العمل من ضمنها، مؤكداً ضرورة تطبيق اتفاق الطائف. وفيما بدا أنه رد غير مباشر، لا سيما على تصريحات زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون والمدير العام السابق للأمن العام جميل السيد، رأى سليمان أن مواقف الآونة الأخيرة «لا سيما تلك التي تتعرض للدول الشقيقة والصديقة خرجت عن منطوق الدستور والمؤسسات وميثاق العيش المشترك» ونصح ب «الابتعاد عن لغة التجريح والتخوين والخروج عن الأصول». وفيما دعا سليمان الى أن «نرحم هذا الوطن وهذا المواطن الذي سئم المشاحنات»، فإن تداعيات اشتداد الخلاف السياسي بين «حزب الله» وحلفائه من جهة ورئيس الحكومة سعد الحريري وحلفائه من جهة أخرى حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري فرضت نفسها مرة أخرى على الوضع السياسي، فشهد ردوداً متبادلة على المواقف الصادرة من هنا وهناك. في هذا الوقت أكدت أوساط لبنانية وثيقة الصلة بسورية أن الأخيرة غير معنية بما قاله العماد عون والسيد وأنها «لا تستخدم ألسنة البعض لتوجيه رسائل بالواسطة الى هذا الطرف أو ذاك طالما أنها على تواصل مع الجميع... ولا تتدخل مع أي طرف لبناني ليقول كلاماً بالنيابة عنها». ونقلت الأوساط نفسها عن مسؤولين سوريين قولهم إن «ما صدر عن السيد يعبّر عن رأيه وإن كانت دمشق لا تحبذ الهجوم الشخصي ولا تعترض على ما قاله في شأن الشهود الزور لأنها كانت من أكثر المتضررين من أقوالهم». كما أكدت هذه الأوساط أن سورية «حريصة على تعزيز علاقتها برئيس الحكومة سعد الحريري وغير معنية بهجوم عون على الرئيس سليمان...». وبموازاة ذلك أصدرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار نداء إثر اجتماعها الدوري أمس، الى اللبنانيين اعتبرت فيه أن «لبنان يتعرض لمحاولة انقلابية شرسة هدفها إعادة عقارب الساعة الى ما قبل انتفاضة الاستقلال في 14 آذار 2005...». ورأت قوى 14 آذار أن «حزب الله كشف المشروع الانقلابي بنفسه برفضه الوقائع والمعادلات السياسية والوطنية والشعبية وتلاه في إسقاط القناع وجه أصفر برتبة ضابط من رموز النظام الأمني البائد (يقصد بها السيد) وتابع الدعوة في هذا الاتجاه النائب ميشال عون». ولفتت قوى 14 آذار الى أن «انتفاضة الاستقلال لم تستأثر بالسلطة ومدت اليد الى «حزب الله» مراراً، وأن قيادة الأخير قابلت الانفتاح من الأكثرية بسياسة الانقلاب على الإجماعات اللبنانية من المحكمة الدولية الى إجماع اللبنانيين على تجاوز ذاكرة الحرب الأهلية المشؤومة». كما أن قوى 14 آذار ذكرت بدعم خطوات طي صفحة الماضي الأليم مع سورية منذ العام 2005 معتبرة أن الجهود الاستثنائية التي بذلت في هذا السبيل جرى ويجري تعطيلها من جماعات وقوى تدّعي التحالف مع سورية الى حد النطق باسمها أحياناً. وقال منسّق الأمانة العامة ل «14 آذار» فارس سعيد إن «أحداً لا يرهبنا»، مشيراً الى أن «مليوناً ونصف المليون مستعدون للدفاع عن السيادة والحرية والاستقلال...»، والى «أننا دخلنا مرحلة جديدة لا يمكن أن تواجه إلا بعودة اللبنانيين الى تعبئتهم السلمية الديموقراطية». وأكد تأييد التفاهم العربي - العربي وقال إن استقلال لبنان ليس مضموناً من أميركا ولا من سورية ولا من أي طرف، بل من وعي الشعب اللبناني. واعتبرت كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) بعد اجتماعها الأسبوعي أن «إقرار الرئيس سعد الحريري بشهود الزور وبإساءاتهم الى التحقيق والعلاقات اللبنانية - السورية وعائلة الرئيس الحريري يؤكد وجوب ملاحقة هؤلاء ومعرفة من فبركهم وصنعهم واستخدمهم لخدمة مشاريع مشبوهة». ورد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عبر بيان كتلة التضامن النيابية التي تضمه والنائب أحمد كرامي على ما اعتبرته «استهداف موقع رئاسة الحكومة ودورها وصلاحياتها» واصفة إياه «بالأمر الخطير جداً».