أجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وفريقها أمس سلسلة لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين تستكمل اليوم بزيارة لرام الله، ركزت على البحث في صيغ مختلفة للخروج من عقبة الاستيطان التي تهدد المفاوضات التي استؤنفت في واشنطن مطلع الشهر. والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي في منزل الأخير في القدسالغربية مساء أمس، وبحثا في جدول أعمال المفاوضات بحضور كلينتون التي قالت إنهما «جادان إزاء رغبتهما في التوصل إلى اتفاق»، مؤكدة أنهما «يدخلان في صلب الموضوع وبدآ في بحث المسائل الجوهرية التي لا يمكن أن تحل إلا من خلال مفاوضات مباشرة». واعتبرت الوزيرة الأميركية في تصريحات للصحافيين عقب لقائها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس في القدس أمس، أنه «آن الاوان لذلك، وهما القائدان اللذان تدعمهما الولاياتالمتحدة لاتخاذ القرارات الصعبة». وأضافت: «قضيت معهما ساعات طويلة، وأنا على قناعة بأنهما صادقان في نواياهما في كل ما يتعلق بعملية السلام». ودعتهما إلى الإمساك «بلحظة مؤاتية» للسلام، لأن الأمر الواقع «غير قابل للدوام». من جهته، دعا بيريس إلى الإسراع بمفاوضات السلام. وقال: «في شرم الشيخ، كانت بداية. فلنجهد في القيام بما يمكن إنجازه. ويجب التحلي بالجدية للوصول إلى السلام، فالأخطار جدية. لكن هذا يمكن أن ينجز ويجب أن ينجز». وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن نتانياهو ربما يتوجه بعد أيام إلى واشنطن من أجل مزيد من المحادثات مع توقع تدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما لحل الخلاف في شأن الاستيطان. وقال مسؤول أميركي طلب عدم الإفصاح عن اسمه أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ميتشل سيزور سورية اليوم ولبنان غداً، سعياً إلى الدفع قدماً بسلام أوسع نطاقاً بين إسرائيل والعالم العربي. لكن مسؤولين فلسطينيين أكدوا ل «الحياة» أن «الاستيطان ما زال يشكل العقبة الأساس أمام استمرار المفاوضات». وقال مسؤول رفيع إن الجانب الأميركي يناقش عدداً من الصيغ لتجاوز هذه العقبة، «منها تجميد الاستيطان في قلب الضفة الغربية ومواصلته في الكتل الحدودية، أو تجميد الاستيطان مع عدم إعلان ذلك، أو مواصلة بناء عطاءات قديمة وعدم إعلان اي عطاءات جديدة». وشدد على أن الجانب الفلسطيني «لن يقبل العودة إلى المفاوضات مع عودة إسرائيل إلى إطلاق عمليات البناء الاستيطاني كما كانت قبل قرارها تجميد البناء» لمدة عشرة شهور تنتهي في الثلاثين من الشهر الجاري. وأضاف: «ندرك أن وجود الاحتلال يعني وجود الاستيطان، لكننا لن نقبل بالوضع القديم، لا بد من بدء تراجع المشروع الاستيطاني». وأظهر الجانب الإسرائيلي تشدداً ملحوظاً في لقاءات شرم الشيخ أول من أمس إزاء مطلب وقف الاستيطان، ما رأى فيه الجانب الفلسطيني محاولة لتحصيل أكثر الصيغ راحة لنتانياهو في التعامل مع حكومته ومجلسها السباعي الذي يرفض تمديد التجميد. وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبدربه أن الجانب الفلسطيني «يصر على التجميد الكلي للاستيطان». وقال: «لا يوجد نصف بناء أو ربع بناء، إما أن يكون هناك وقف للبناء أو لا يكون». ووصف المواقف الإسرائيلية بأنها «ألاعيب وحيل»، مشيراً إلى أن الجانب الفلسطيني «لن يسمح بالعودة إلى مفاوضات تستغلها إسرائيل غطاء لمواصلة التوسع الاستيطاني». وأشار إلى أن «عقبة الاستيطان ما زالت تحول دون البحث في القضايا الجوهرية» مثل حدود الدولة والقدس واللاجئين والمياه والأمن والأسرى. وعن الموقف الفلسطيني من تصريحات ميتشل عن «يهودية الدولة الإسرائيلية» ودعم نشوء دولة فلسطينية مستقرة، قال عبدربه: «لا نريد التوقف عند بعض تصريحات المجاملة، بل ما يهمنا تحقيق تقدم ملموس في هذه المفاوضات وفق جدول أعمال واضح يساهم في انطلاق المفاوضات باتجاه إنجاز حقوقنا الوطنية». وشدد على «أهمية اتخاذ موقف واضح من قبل الأطراف الراعية لهذه المفاوضات إزاء الاستيطان باعتباره يهدد إمكان التوصل إلى مفاوضات جدية تفضي إلى نتائج في كل القضايا المطروحة ضمن مفاوضات الحل النهائي». وأكد «عدم إمكان الوصول إلى حلول وسط في ما يخص قضية الاستيطان». والتقت كلينتون في القدس أمس رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض الذي أطلعها على المسار الذي قطعته حكومته في بناء مؤسسات الدولة المستقلة، كما التقت وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ونظيرها الإسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان. وستزور اليوم مدينة رام الله لتلتقي الرئيس عباس مجدداً. وكان عباس بحث مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني خلال اتصال هاتفي مساء أول من أمس آليات العمل لضمان تحقيق المفاوضات تقدماً ملموساً. ونقلت وكالة «فرانس برس» أمس عن الديوان الملكي الأردني قوله في بيان إن عباس وضع الملك «في صورة الجولة الثانية من المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية المباشرة التي أُجريت في شرم الشيخ».