تشير أعداد المقرات التي تحتضنها المملكة للمنظمات الإسلامية الدولية، على ما تستحوذ عليه من نصيب في العمل الإسلامي الدولي، ما أهّلها لتكون القبلة الأولى للعمل السياسي الإسلامي ومحط الأنظار لحل كل النزاعات في الدول التي تجمعها بها لحمة الدين الواحد. فالمملكة تحتضن أكثر من 13 منظمة دولية إسلامية في المجالات كافة، توزعت في مناطقها الكبرى وإن كان لجدة النصيب الأكبر لما تمثله من بوابة العاصمة المقدسة، ومن ثم مكةالمكرمة العاصمة مقدسة، وبعدها الرياض العاصمة التي هي بدورها احتضنت مقرين للمنظمات الدولية. ومنذ ستينات القرن الماضي بدأت المملكة في احتضان هذه المنظمات مع دعمها معنوياً ومادياً بمبالغ تصل حتى عام 2002، بحسب بعض التقارير إلى 3 بلايين من الريالات السعودية. وبدأت هذه المنظمات في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز بإنشاء رابطة العالم الإسلامي التي أنشئت بموجب قرار صدر عن المؤتمر الإسلامي العام الذي عقد بمكةالمكرمة في 1962، لتكون منظمة إسلامية شعبية عالمية جامعة مقرها مكةالمكرمة. ورداً على جريمة إحراق المسجد الأقصى من اليهود في 1968 أنشئت منظمة المؤتمر الإسلامي بقرار صادر عن القمة التاريخية التي عقدت في الرباط بالمملكة المغربية، ليعقد بعدها بعام في 1970 أول مؤتمر إسلامي لوزراء الخارجية في جدة، ولترحب فيها المملكة بإنشاء مقر الأمانة العامة في جدة، وتضيف لها مساهمة بما نسبته 10 في المئة من موازنة الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي لتكون هي أكبر مساهمة بين الدول الأعضاء، وقد بلغ مجموع ما دفعته المملكة لموازنة الأمانة العامة 185 مليون ريال، حتى عام 2001. وتعتبر منظمة المؤتمر الإسلامي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأممالمتحدة، تضم في عضويتها 57 دولة (عضواً) موزعة على أربع قارات، وهي الصوت الجماعي للعالم الإسلامي وتسعى لصون مصالحه والتعبير عنه تعزيزاً للسلم والتناغم الدوليين بين مختلف شعوب العالم. وتتألف منظمة المؤتمر الإسلامي من أجهزة رئيسية على رأس هرمها قمة إسلامية يجتمع فيه عادة ملوك ورؤساء الدول والحكومات في الدول الأعضاء وتجتمع مرة كل ثلاث سنوات للتداول واتخاذ القرارات وتقديم المشورة بشأن جميع القضايا، وهي أعلى هيئة في المنظمة، ويتبعه في الأهمية مجلس وزراء الخارجية الذي يجتمع بصفة دورية مرة كل سنة ويدرس سبل تنفيذ السياسة العامة للمنظمة، ويقوم بتنظيم هذه العملية الأمانة العامة التي تعتبر الجهاز التنفيذي للمنظمة وتتولى تنفيذ القرارات. وعقدت حتى الآن 11 دورة لمؤتمر القمة الإسلامي و35 دورة لمجلس وزراء الخارجية. وفي الجانب المصرفي والمالي، فإن البنك الإسلامي للتنمية يقوم بدور الضابط والضامن لهذه العملية مع مثيلاتها من المنظمات الدولية، وقد أنشئ تطبيقاً لبيان العزم الصادر عن مؤتمر وزراء مالية الدول الإسلامية، الذي عقد في مدينة جدة، في 1973 وافتتح البنك رسمياً في 1975 وليكون مقره هو الآخر بجدة في مبنى وأرض إهداء من السعودية التي ساهمت ب 50 مليون ريال كمساهمة في مبنى مقر البنك في جدة، وقطعة الأرض التي أقيم عليها المبنى، ومساحتها 50 ألف متر مربع. ورأسمال البنك المصرح به بليونا دينار إسلامي، وتسهم المملكة العربية السعودية في هذا البنك بأكبر نصيب، وبما يعادل ربع رأس المال، أي قريباً من 500 مليون دينار إسلامي، والدينار الإسلامي يعادل وحدة واحدة من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي، وهي تعادل دولار وثلث الدولار الأميركي. وأصدر مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في مكةالمكرمة والطائف عام 1981، قراراً بإنشاء مجمع الفقه الإسلامي لتحقيق أهداف من أهمها: الاسترشاد بالشريعة الإسلامية، ودرس مشكلات الحياة المعاصرة، والاجتهاد فيها اجتهاداً أصيلاً لتقديم الحلول لها بحسب مقتضيات الشريعة الإسلامية، ومقر مجمع الفقه الإسلامي في محافظة جدة، وتسهم المملكة مساهمة فعالة في موازناته. أما في الحقل الإعلامي، فاستضافت المملكة المنظمتين الإعلاميتين الوحيدتين اللتين تعملان في هذا المجال، أولاهما وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، وهي وكالة أنباء دولية تُعنى بتغطية الأحداث في الدول ال57 الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. وتأسست في عام 1973 بهدف زيادة التفاهم بين دولها الأعضاء، وكذا بين المسلمين والعالم على وجه العموم، ومقرها في جدة، ويديرها مجلس إدارة يترأسه وزير الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية، وبلغت مساهمات السعودية في موازناتها 34 مليون ريال.