وصل الرئيس التركي عبدالله غل امس الى العاصمة العراقية في زيارة رسمية تستمر عدة ايام، هي الاولى لرئيس تركي منذ 33 عاماً، يبحث خلالها مع القادة العراقيين في القضايا المشتركة في مقدمها ازمة حزب العمال الكردستاني ومشكلة المياه وتعزيز التعاون الاقتصادي. وكان في استقبال غل لدى وصوله الى بغداد ظهر امس الرئيس العراقي جلال طالباني الذي اجرى معه مباحثات قصيرة ركزت على العلاقات الثنائية. واكد مصدر مطلع في الحكومة العراقية ان مباحثات غل مع الحكومة العراقية ستتضمن ايضا «تدريب الجيش التركي عسكريين عراقيين وتزويد الجيش العراقي بالأسلحة» إضافة الى «آلية تفعيل لجنة العمل الثلاثية الاميركية العراقية التركية لمواجهة نشاطات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق». من جهته قال رئيس ديوان الرئاسة نصير العاني في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه إن «رئاسة الجمهورية العراقية تأمل بأن تثمر زيارة الرئيس التركي الى بغداد عن توقيع اتفاقات تجارية بين البلدين» مشيرا الى ان الاجتماعات المغلقة ستركز على الملفات المهمة، بينها قضية حزب العمال الكردستاني والمياه، اضافة الى مناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي. منوها بأهمية الزيارة من ناحية التوقيت والاهداف التي تحملها، ولا سيما في اطار الانفتاح العربي والإقليمي والدولي الذي يشهده العراق. الى ذلك قال مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان فلاح مصطفى إنه في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الجمهورية التركية سيكون هناك لقاء خاص مع رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الذي وصل الى بغداد صباح امس. واضاف انه «من المقرر أن يبحث الجانبان في المسائل ذات الاهتمام المشترك بين إقليم كردستان وتركيا». وتعتبر زيارة غل الى العراق تاريخية، إذ انها جاءت بعد 33 سنة من زيارة الرئيس التركي السابق فخري اوروتورك لبغداد عام 1976 واستقبله في حينها الرئيس الراحل احمد حسن البكر. وكان الرئيس العراقي اعلن خلال زيارته تركيا قبل ايام للمشاركة في مؤتمر حول المياه، انه يتوقع ان يستجيب المتمردون الاكراد الذي يقاتلون الحكومة التركية للدعوة الى إلقاء سلاحهم. وقال طالباني: «اعتقد ان حزب العمال الكردستاني سيلقي سلاحه ويضع نهاية لأعمال العنف (...) وسيكون قراراً مبدئيا لإنهاء ما يسمى بالكفاح المسلح». ودعا انقرة الى درس امكان منح العفو للمتمردين. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اعلن خلال زيارته بغداد في تموز (يوليو) الماضي ان العراق يدعم تركيا في محاربة «حزب العمال الكردستاني». وبدأت محادثات مطلع العام الحالي بين رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ومراد اوزجليك، المبعوث الخاص لاردوغان، في اربيل ل «تعزيز العلاقات» بين الطرفين. وكان وزير الخارجية التركي علي باباجان اعلن اواخر كانون الثاني (يناير) ان بلاده تتوقع تدابير ملموسة من جانب بغداد للتصدي للعمال الكردستاني «لأن شل حركة الحزب في العراق هو الشرط الملائم لتطبيع كامل للعلاقات» بين البلدين. واضاف الوزير: «ينبغي تكثيف الاجراءات للحصول على نتائج ملموسة»، معلنا ان اجتماعا وزاريا للمجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي سيعقد في اسطنبول. وتم الاعلان عن هذا المجلس خلال زيارة رئيس الوزراء التركي الى بغداد. وتحدث وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن «مناخ جديد من التفاهم والتعاون» بين البلدين الجارين للتصدي لحزب العمال الكردستاني في العراق. وحمل الحزب الذي تصنّفه انقرة والعديد من دول العالم على انه منظمة ارهابية، السلاح مطالبا بالحصول على حكم ذاتي في جنوب شرقي تركيا، حيث الغالبية من الاكراد منذ صيف العام 1984 ما ادى الى اندلاع نزاع راح ضحيته نحو 44 الف شخص. ويتمركز مئات من مسلحي العمال الكردستاني في جبال شمال العراق. على صعيد آخر رحبت قوى سياسية تركمانية بزيارة الرئيس التركي الى العراق معولة على اهمية تركيا ومكانتها من اجل ضمان حقوقهم وحمايتهم من «التهميش والاقصاء». وقالت القيادية التركمانية جالا نفطجي: «تربطنا بتركيا الجذور واللغة والجيرة وضمان حقوق التركمان الذين عانوا كثيرا منذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا من سياسات التهميش والاقصاء والملاحقات وضياع حقوقهم». واضافت نفطجي، عضو مجلس محافظة كركوك عن التركمان، حيث يشغلون 9 مقاعد من اصل 42: «التقينا الرئيس التركي قبل اشهر، ولمسنا عدم سماحهم بتفتيت العراق وعدم موافقتهم على ضم كركوك الى اي اقليم لأنهم يعتبرون ذلك مشروعاً للتقسيم». ويطالب الاكراد بإلحاق كركوك الغنية بالنفط بإقليم كردستان في حين يعارض العرب والتركمان ذلك. ويبلغ عدد سكان المدينة حوالي مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدواشورية. من جهته، تمنى المتحدث باسم «الجبهة التركمانية العراقية» لي هاشم اوغلو ان يبحث غل خلال زيارته الى العراق «في مسألة مستقبل التركمان ووجودهم. فكركوك اصبحت قضية دولية واقليمية تحت اشراف الاممالمتحدة» مشيرا الى ان «تركيا تنادي بالحلول العادلة وتقاسم السلطة بين مكونات». بدوره، طالب تحسين كهية القيادي في «الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق» بزعامة عباس البياتي الرئيس التركي «بدعم الحكومة العراقية لايجاد حل لمشكلة كركوك المعقدة». واضاف ان «تركيا تنظر لجميع مكونات الشعب العراقي من دون تمييز. ولهذه الزيارة اهمية بالغة لأنها ستعزز من اداء الحكومة وترسخ العلاقات التاريخية. فالوجود التركي بحد ذاته امر مهم للعراق وسيتم بحث المشاكل وخصوصا كركوك». في هذه الاثناء اعتبر حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من شمال العراق منطلقا للقيام بنشاطه المعارض ان هدف زيارة الرئيس التركي هو «تصفية الحزب».