أسعار النفط ترتفع من أدنى مستوياتها في شهرين    "المياه الوطنية" تستعد لضخ 10 ملايين م3 يوميًا خلال رمضان    رابطةُ العالَم الإسلامي تُدين قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية عدة مناطق سورية    إنفاذًا لتوجيهات القيادة.. بدء عملية فصل التوأم السيامي البوركيني "حوى وخديجة"    الجيش الأمريكي: طرد «المتحولين جنسياً» باستثناء هؤلاء !    هذا التصرف يساعد على النوم بسرعة    5 محاور لخطة عمرة رمضان.. «النقل» و«الذكاء الاصطناعي» يعززان إدارة الحشود    الحوار الوطني.. سورية بيد أبنائها    على نفقة فهد بن سلطان.. «معونة الشتاء» لمحافظات ومراكز تبوك    الربيعة يبحث الشؤون الإغاثية والإنسانية مع المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية    "الأخضر الشاب" يعبر كوريا لنهائي القارة    الخليج يفرمل الاتحاد والاتفاق يتفوق على التعاون    وزير الدفاع يبحث مع مسؤولين أمريكيين التعاون المشترك    ولي العهد يهنئ رئيس الوزراء اللبناني بمناسبة تشكيل الحكومة برئاسته    دور سعودي مهم للنمو والاستقرار.. وزراء مالية «العشرين» يبحثون آفاق الاقتصاد العالمي    المحكمة العليا تدعو لتحري رؤية هلال رمضان غداً    بحضور الوجهاء والأعيان .. آل كسناوي والفران يحتفلون بتقاعد محمود فران    بين انفراجة صفقة الأسرى وتهرب نتنياهو من المرحلة الثانية.. سباق مع الزمن لإنقاذ هدنة غزة    تدشين أضخم مشروع قرآني عالمي من الحرمين    الجيش السوداني يتقدم جنوب الخرطوم    وزير التجارة يدشّن "منتدى مكة للحلال"    مجلس إدارة «المؤسسة» برئاسة ولي العهد يعلن: افتتاح أولى مراحل «المسار الرياضي» بخمس وجهات    روشتة بالذكاء الاصطناعي من «ChatGPT» لصوم صحي    اهتمام الملك سلمان بالثقافة    الحربي رئيساً للاتحاد السعودي لرفع الأثقال    موازنة أميركية لتنفيذ أجندة ترمب    «شؤون الحرمين» تدعو إلى الالتزام بإرشادات السلامة    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال رمضان مساء غدٍ    سلال رمضان.. عادات أصيلة تعكس روح التآخي    المنتدى السعودي للإعلام صياغة للمستقبل    احتفالية جذور الوحدة والتلاحم    بيتربان السعودي    الإنسان ومتغيرات الحياة    تيم لاب فينومينا أبوظبي يفتح أبوابه في 18 أبريل    هنا تضمر الحكاية..أيام تجري وقلوب تتوه..    «جيبكا» ترحب بقرار مجلس الوزراء على استضافة مقرها في الرياض    هيئة الإذاعة والتلفزيون تدشن أضخم الأعمال على شاشتها الرمضانية    محافظ الطائف يلتقي الرئيس التنفيذي لجمعية مراكز الأحياء    القرقاح يشهد احتفال أهالي محايل بيوم التأسيس    محافظ خميس مشيط يعقد الاجتماع الأول للتعريف بمبادرة «أجاويد 3»    تخريج دورة الفرد الأساسي للقطاعات الأمنية بأكاديمية الأمير نايف    أمير تبوك يواسي بن هرماس في وفاة والده    أمانة الطائف تقوم بتشغيل ممشى السد الجديد على مساحة 10.500 م2    سفارة المملكة في فنلندا تحتفل بيوم التأسيس    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة الكويت    جمعيّة أصدقاء المجتمع تحتفل بيوم التأسيس    في وداع سيد اللعبة.. عن كيسنجر والشرق    سلمان بن سلطان    دونيس: أحتاج لاعبين بمستوى سالم الدوسري    مواقف رمضان !    إنجازات «إنسان» على طاولة فيصل بن بندر    «الأولمبية السعودية» تجدد ثقتها في لجنة البادل    يا أئمة المساجد.. أيكم أمّ الناس فليخفف.. !    قدامى السعودية.. أقل من الطموح    تمكن اصحاب المنشآت غير الغذائية من تقديم خدماتهم بالعربات المتنقلة    أمير الشرقية يستقبل وزير الحرس الوطني    أمير القصيم: سباق الدرعية يعكس ارتباط الفروسية بتاريخ المملكة    أمير تبوك يترأس اجتماع الادارات الحكومية والخدمية لاستعدادات رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر: مقاطعة الانتخابات هدية المعارضة للحزب الحاكم
نشر في الحياة يوم 12 - 09 - 2010

تعكس الحياة النيابية المصرية على مدار تاريخها الذي اقترب من مئة عام صورة مفصلة للتفاعلات السياسية داخل المجتمع. ظهر ذلك بوضوح في التجربة النيابية الليبرالية الأولى (1924-1952) والتي كانت مسرحاً للتنافس بين أحزاب تمثل القوى السياسية في المجتمع وبروز ظاهرة حزب الأغلبية المعارض ممثلة في حزب الوفد، وغيرها من الظواهر التي نتجت من التفاعلات السياسية التي كان مسرحها البرلمان والأحزاب.
مثل هذه التفاعلات لم يكن غائباً عن التجربة النيابية المقيدة في مرحلتها الثانية والتي بدأت في منتصف السبعينات من القرن الماضي حيث برزت مجموعة من الملامح المميزة لهذه التجربة أهمها، أولاً: وضوح سلطوية النظام وقدرته على إمساك حبال اللعبة كافة بيديه نتيجة عملية التقييد السياسي والقانوني التي تصب في مصلحة الحزب الحاكم، ثانياً: وسط هذه الهيمنة للحزب الحاكم لم تكن القوى السياسية والحزبية غائبة بل كانت تستطيع أن توجد لنفسها مكاناً سواء بدخول الانتخابات منفردة وحصولها على عدد ضئيل من المقاعد أو الدخول في تحالفات في ما بينها، مثلما حدث لدى تحالف الوفد والإخوان 1984 وحصولهما على 58 مقعداً، ما يعتبر إنجازاً في هذا الوقت، في ظل حالة التقييد المفروضة على الممارسة النيابية، لكونه أعطى مذاقاً للتجربة النيابية والتي امتدت تأثيراتها الإيجابية، بطبيعة الحال، إلى انتخابات 1987 حين حظيت المعارضة أيضاً بمقاعد اكبر من الدورة السابقة وصلت إلى ما يقرب من 95 مقعداً موزعة بين الوفد 35 مقعداً وتحالف الإخوان وحزب العمل 60 مقعداً. ثالثاً: بروز المستقلين كظاهرة في الحياة الحزبية، خصوصاً في انتخابات 2000 التي شهدت نمو هذه الظاهرة في شكل ملحوظ، ما جعلها تصبح واقعاً وتكون هي الفائز الأول في انتخابات 2005 وليس الحزب الوطني الديموقراطي، ولولا الطبيعة الهشة لآليات ضمان انتقال السلطة لكان لهم كلمة السر في تشكيل تحالف الأغلبية في المجلس بدلاً من الحزب الحاكم الذي سارع الى إغرائهم وضمهم إليه لتصبح له الغالبية في المجلس. وتؤكد ظاهرة المستقلين أن المجتمع المصري يستطيع، مع وجود قيود النظام القانونية والأمنية على الممارسة السياسية، أن يفرز قوى سياسية تعطي الحياة النيابية طعماً جديداً، فالمجلس الحالي الذي يضمم 88 من الإخوان ( 20 في المئة من مقاعد المجلس) سوف يكون من المجالس التاريخية لجهة أن تلك الكتلة، بالإضافة إلى المستقلين، استطاعت أن تزيح الحزب الحاكم عن عرشه ولو موقتاً. وبالتالي فإنه عند النظر إلى ميراث الممارسة النيابية في مصر خصوصاً في مرحلتها الثانية نجد أنه على رغم الملامح السلبية الكثيرة التي كانت ترافق كل دورة انتخابية، إلا أن هذا لم يمنع مكاسب ايجابية ممثلة في قدرة الأحزاب والقوى السياسية والمستقلين على أن يكون لهم الحضور القوي والمؤثر في الحياة النيابية المصرية في فترتها الثانية. ووجود مثل هذا المتغير له إيجابياته البعيدة المدى لجهة أنه يعيد توليد الثقة في القوى السياسية في أن يكون لها وجود وتمثيل داخل البرلمان مع استمرار حالة التقييد.
كان ما يلفت النظر أيضاً في الدورات السابقة لانتخابات مجلس الشعب ظاهرة مقاطعة الانتخابات التي كانت تقوم بها بعض الأحزاب والقوى السياسية، إلا أن نتائجها، مقارنة بنتائج القوى التي خاضت الانتخابات، كانت سلبية على هذه القوى والأحزاب وعلى الممارسة السياسية، كونها تعطي الفرصة للحزب الحاكم ليكون هو اللاعب الأساسي في الحياة السياسية بطرقه المخترقة التي يتبعها، فتأتي هي وتضيف إليه نقيصة جديدة، تسمى المقاطعة والتي باتت كلمة سهلة ترفعها القوى السياسية والأحزاب سواء بما يخص الانتخابات البرلمانية أو حتى الرئاسية، الأمر الذي بات يشكك في نيات من يتبنون هذا الموقف من المعارضة.
ثقافة التربية على تداول السلطة والمشاركة فيها تحتاج إلى صبر وإلى جهد، خصوصاً إذا كان المستأثرون بها يأبون ألا يشاركهم أحد. ومن ثم فالقوى السياسية والأحزاب هذه الأيام عليها أن تتعلم من هذا الماضي من زاويتين. الأولى أن تستفيد من تجربة المقاعد التي كانت تحصل عليها القوى السياسية والأحزاب والمستقلون، وكيف أن وجودهم في الدورات السابقة كان يضيف مميزات كثيرة للعمل السياسي داخل المجتمع المصري، على رغم قلة تمثيلهم في دورات عديدة.
الثانية: على هذه القوى أن تستفيد من حال الحراك السياسي التي عاشها المجتمع المصري على مدار السنوات الخمس الماضية من بروز حركات الاحتجاج وإعادة تشكيل القوى السياسية بأشكال وآليات تتواكب مع تطورات العصر. وأن يكون هذا الحراك السند الذي تدخل به الانتخابات المقبلة سواء مجلس الشعب أو الانتخابات الرئاسية. ومهما تكن التحديات والقيود التي يفرضها النظام السياسي، فإن وجود هذه القوى بممثلين منتخبين سيكون مهماً ليس فقط في المدى القصير وإنما أيضاً في المدى البعيد، من حيث قدرته على أن يخلق وجوداً، ولو رمزياً، للقوى السياسية والمعارضة داخل الحياة النيابية، مثلما كان موجوداً في مجلس (2005-2010). وبصرف النظر عن الاتفاق او الاختلاف على ما يعرضونه وما يناقشونه من موضوعات واستجوابات داخل المجلس، الا أن تمثيلهم داخل المجلس بهذا الشكل الحضاري يضفي على الحياة النيابية قدراً من الشرعية، فضلاً عن انه يرسخ ثقافة التعددية مع مرور الوقت حتى مع من لا يؤمنون بها.
ومن هنا فإن المتابع للحياة السياسية المصرية يجب ألا ينظر بعين مثالية كون مقاطعة الانتخابات هي الحل الأمثل للاعتراض على ديكتاتورية النظام، بل إن هذا يزيده ديكتاتورية، فالمشاركة في الحياة النيابية حتى في شكل رمزي هي السبيل مع مرور الوقت إلى تدشين وتقوية ثقافة تداول السلطة التي حرمت منها مجتمعاتنا على مدار الخمسين سنة الماضية.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.