شهد لبنان أمس موجة استنكار واسعة لدعوة القس تيري جونز من كنيسة فلوريدا البروتستانتية الأميركية الى احراق نسخ من القرآن الكريم في الذكرى التاسعة لأحداث 11 ايلول (سبتمبر)، وأكد البطريرك الماروني نصر الله صفير أن «هذه الدعوة مشجوبة وتحض على عمل مرفوض يشكل إسهاماً في تعميق حال الانقسام والتباعد، فيما العالم يحتاج إلى تعميق التقارب والتلاقي والمصالحة». وقال إنَّ «العيش المشترك الإسلامي- المسيحي في لبنان نموذج فريد يحتذى به»، داعياً «المسيحيين والمسلمين إلى تجديد التزامهم برسالة العيش الواحد ومواجهة كل الدعوات المتزمتة والأصولية التي يظل الدين براء منها من أي جهة أتت». وندد بطريرك الأرمن الأرثوذكس الكاثوليكوس آرام الأول بنداء القس الأميركي، ووصف هذه الخطوة بأنها «غير مسؤولة ولا اخلاقية تجاه رمز الدين الإسلامي وهو القرآن الكريم»، مؤكداً أن «الاحترام المتبادل هو اساس المفهوم الأخلاقي للديانات السماوية». كما دانت كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، في بيان بشدة «الدعوة لحرق نسخ من القرآن الكريم»، معتبرة أن «هذا التصرف مسيء الى المسيحية بروحانياتها وتعاليمها وقيمها»، وداعية إلى «قيام حملة استباقية رادعة، تمنع استغلال الديانات وتوظيفها لخدمة مخططات ومواقف متطرفة مدانة ومرفوضة بكل الأشكال». واعتبر المجلس الأعلى للروم الكاثوليك في بيان أمس، أن «العمل جبان ومستهجن وبعيد من تعاليم المسيحية التي تدعو إلى المحبة والتسامح والعدالة والحوار»، معلناً أن «المسيحية براء من هذا العمل المدان الذي يقف وراءه أشخاص مشبوهون». وطالب مفتي صيدا الجعفري الشيخ محمد عسيران في بيان له «رأس الكنيسة في العالم، بأن يعمل لإيقاف حرق القرآن، لأن هذا العمل الأحمق يعود على المسلمين والمسيحيين بأمر قد لا تحمد عقباه من قبل متطرفين يردون عليه». ودان عدد من السياسيين والأحزاب دعوة القس الأميركي، واعتبر النائب نضال طعمة، في تصريح أمس ان «المسيحية براء من اصحاب النيات الخبيثة المصممين على إحراق نسخ من القرآن الكريم»، مشيداً ب «المثال الحي في التعايش الذي يقدمه لبنان». وأعلنت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» في بيان لها أمس، أن «القوات تعتبر الأعمال التي تطاول المقدسات عند أي فريق إنساني مخالفة لمبادىء المسيحية الحقة ومنافية لمبادىء حقوق الإنسان القائمة على الحرية المسؤولة وقبول الآخر وحق الاختلاف والاحتكام الى القوانين في حل النزاعات»، ورأى أن «هذه الدعوة لا تعبر عن وجهة نظر دينية مسيحية بل عن وجهة نظر خاصة أقل ما يقال فيها إنها معتلة».