أعلن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أمس تمسكه بانتقاداته لرئيس الجمهورية ميشال سليمان وعدد من الوزراء في وقت استمرت التصريحات والمواقف المستنكرة لموقفه من رئيس الجمهورية من عدد من القوى السياسية. وفيما صدرت مواقف عدة من قوى حليفة لسورية أشادت بإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري أن «الاتهام السياسي» باغتيال والده الراحل رفيق الحريري «انتهى... وارتكبنا أخطاء»، معتبراً ان «شهود الزور ضللوا التحقيق في الجريمة وأساؤوا الى سورية ولبنان»، فإن بعض ردود الفعل من قيادات في «قوى 8 آذار» طالب الحريري بأن «يبرئ «حزب الله» من الاتهام الإسرائيلي باغتيال والده» كما أعلن رئيس «الحزب الديموقراطي» طلال أرسلان في مؤتمر صحافي أمس. ودعا العماد عون «الذين يعتذرون من سورية للاتهامات الخاطئة ان يعتذروا منا لأننا عندما دعوناهم الى التعقل والتحفظ عن نتائج التحقيق اتهمونا بكل شيء». وآثر الحريري أمس خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت برئاسته في السراي الحكومية، تجنب النقاش السياسي في الجلسة وطالب الوزراء باقتصار البحث على جدول الأعمال العادي. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن الحريري افتتح الجلسة داعياً الوزراء الى «ألا نحكي بالسياسة في هذه الجلسة إذ يكفي ما نحن فيه وقد تكلمنا كثيراً خلال الفترة السابقة وأفضل ألا نتكلم بالسياسة كي لا يؤدي ذلك الى سجال وأخذ ورد نحن بغنى عنها. لقد قلنا ما يكفي ووضعنا سقفاً للأمور ولا ضرورة للعودة الى كل ذلك». وأدى ذلك الى اقتصار البحث في نقاط جدول الأعمال فلم تتم إثارة قضية الشهود الزور للمرة الثانية في مجلس الوزراء من قبل «حزب الله»، ولم يجر أي نقاش حول انتقادات العماد عون للرئيس سليمان ولوزراء الدفاع والعدل والداخلية والإعلام الذين سبق ان ردوا عليه في تصريحاتهم، كما لم تتم إثارة ما أعلنه الحريري أول من أمس حول التسرع في اتهام سورية السياسي باغتيال والده والشهود الزور. وفي موازاة عقد مجلس الوزراء رد عون بعد ترؤسه اجتماع تكتله النيابي على ما صدر عن الرئيس سليمان ودعوته القيادات الى التزام آداب السلوك (قاصداً عون من دون ان يسميه)، فقال إن ما قاله «ليس فيه ما يخرج عن آداب الكلام وآداب السلوك». وجدد عون هجومه على بعض الوزراء لا سيما وزير الداخلية زياد بارود ووزير الإعلام طارق متري واعتبر ان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي «غير شرعي»، على خلفية التحقيق مع القيادي في «التيار الوطني الحر» العميد فايز كرم من قبل هذا الفرع. ورد الوزير متري على عون معتبراً انه خبير في التسريبات الملفقة، وقال: «ان دوافع بعض السياسيين من أصحاب لغة تجديد الخصومات أو اختراعها ليست دائماً معروفة، غير ان تأثير أقوالهم على صعيدي تعبئة الأنصار وإدانة الخصوم معروف، وهو إذا خدم مصلحة سياسية ظرفية، يحول دون الالتقاء بالتعاون بين القوى السياسية الى احترام قيم الديموقراطية». وقالت مصادر مقربة من الرئيس سليمان في تفسيرها لهجوم عون على الأول، إن «زعيم «التيار الحر» يتعرض للخسائر على صعيد زعامته ويلقي باللائمة على رئيس الجمهورية». واعتبرت ان «هناك تراكمات تسبب هذا الانزعاج لدى عون تعود الى مرحلة الانتخابات البلدية وإلى انتخاب بعض رؤساء البلديات الذين نجحوا على رغم أن عون عمل ضدهم، كرؤساء لاتحاد بلديات مناطقهم، هذا إضافة الى حصول بعض التعيينات التي لا يرضى عنها عون». وذكرت هذه المصادر ان عون «استُفز لأن الرئيس سليمان استقبل اثنين من قياديي تياره الذين خرجوا منه وهما الوزير السابق اللواء عصام أبو جمرة ويوسف سعد الله الخوري، لكن رئيس الجمهورية لا يكترث لغضب عون». وكان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد اعتبر ان انتقادات عون «صرخة وجع تصدر عن مسؤول متألم حريص على وضع حد للإساءة الى صورة الدولة»، داعياً إلى التعاطي الإيجابي مع هذه الصرخة. إلا ان موقف رعد بحسب مصادر مطلعة لم يجد استحساناً لدى الرئيس سليمان. وكانت كتلة «المستقبل» النيابية شددت في بيان أصدرته بعد اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة امس، على ضرورة تغليب الهدوء. ودافعت عن الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في تعزيز الوحدة الوطنية، ورأت ان المواقف العالية النبرة والتي تضمنت تهجمات وافتراءات طاولتهما وبعض المسؤولين «مستهجنة ومرفوضة». وفي تعليق على ما أعلنه الحريري قال مسؤول الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق ان ما حصل من مواقف في لبنان يعني ان جميع الجهات المعنية قد أجمعت على وجود ملف الشهود الزور الذين تسببوا في تضليل التحقيق، وفي ازمة سياسية داخلية وإضرار بالعلاقات اللبنانية - السورية. وأكد ان ملف هؤلاء الشهود لن يُهمل. من جهة ثانية، أثنى البطريرك الماروني نصرالله صفير على «الدور الوطني للجيش اللبناني لجهة محافظته على أمن الساحة الداخلية وتماسكها، ولجهة عمله على تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان، بالتعاون مع قوات «يونيفيل». وأمل «من جميع الأطراف إبقاء الجيش فوق التجاذبات السياسية لكونه يمثل أحد أهم ركائز الوحدة الوطنية ومشروع الدولة القوية القادرة». وكان صفير التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد الركن ادمون فاضل وعدداً من ضباط القيادة. وأبدى صفير ارتياحه الى ما تقوم به المؤسسة العسكرية «من جهود رامية الى ضبط امن الساحة الداخلية في مختلف المناطق بالتعاون والتنسيق مع سائر الأجهزة الأمنية، وإلى تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان».