أستنذل أحياناً وأغلط وأعود وأكتب عن الحب وكلماته وحياتي معه وحياتي عنده، فهل الحب ذل ونذالة؟ ربما في اليومين دول ليس إلا. أنسى وتنسى أن هذا الزمن ليس زمنه، وإن كان لا بد منه. ولو غلط الواحد وأحب، فسيندم على عملته «السودة»، خصوصاً بعد كل نكسة أو هزيمة أو «شرشحة». حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه! وأنت تصالح على هواك وتعادي الأخرى على هواك وتقطع وتصل كما تريد وكما ترتئي. لا وقال إيه: جايني بعد يومين يستأذن الأخ من زوجته إنه ناوي يتزوج عليها، ويفرح الجميع بأنه لم يطلقها بعد. هذا من ناحية الزوج، أما الزوجة فما عاد فيه مثل زمن الزوجة فيه فاتن حمامة والأم أمينة رزق التي تضحي وتعطي وتطول بالها أو حتى تقصره، كل واحدة اليوم تريد أن تتزوج من حساب بنكي وتريد مع الحساب شهادة جامعية وكلمات غزل على مدار الساعة. نعم ما زلت مصرة أن المرأة تريد أن تسمع، ولأقنعك سأقول لك إن ثمة نوعين من الرجال ونوعاً واحداً من النساء، كل امرأة تدرك منذ اللحظة الأولى من هو هذا الرجل الذي أمامها وبعد عشر دقائق تعطيك تفصيلاً كاملاً عنه وتدرك بغريزتها ومهما كانت عينته، إن كان سيحبها أم لا، سيرتبط بها أم لا، سيذهب في لهب ومهب الغيرة بعيداً أم لا. حتى حسابه البنكي تفهمه من جزمته ومن كلامه وتدرك ماذا سيحصل بينهما! وبعد الدقائق العشر الأولى تصيبها البلادة إن لم يفصح لها، إن لم يردد كالببغاء «أحبك»، إن لم يدعها، إن لم يهدها، إن لم يكلمها، إن لم يتذكر مناسباتها العزيزة، إن لم يشكر أمها وإن لم يمدح أباها. إن لم يطلقها، إن لم يتزوج عليها. نعم، نعم، على رغم ذكائها الشديد في التعامل مع الرجل، إلا أنها «بلهاء» إن لم تسمع بأُذنها وترى بعينيها. أما الرجل فالنوع الأول مثل المرأة يريد أن يعرف كل شيء عنها حتى يحبها، ويجري بحثاً جدياً ودراسة عميقة قبل أن يقع في غرامها. كيف تفكر؟ كيف تمشي؟ كيف تلبس؟ ماذا يقال عنها؟ وما هي سمعتها؟ كيف تفرش أسنانها؟ كيف تضحك؟ ما هو وزن أمها؟ وما هي طبخة خالتها المفضلة؟ وأين تقضي عمتها الإجازة؟ وتخيل كل ما يخطر على بالك وبعدها يقع في الحب أو لا يقع. أما النوع الثاني فهو يحب شرط ألا يعرف شيئاً عنها من غير ليه، يؤمن بكيمياء الحب وفيزيائه، يكتفي بالقليل من المعرفة، بل يود ألا يعرف أي شيء حتى يسقط «متفركشاً» في حبه. وفي كل الحالات يظل الحب حباً إلا في هذا الزمن، فقد صار الحب بلاءً والعشق سماً لبنات المكلا وبنات الرياض وبنات الحتة وشبابها، وينصحونك وينصحونها بالابتعاد عنه وتجنبه، إلى درجة انهم يدخلون الشك في نفسك ويدخلونك في متاهات من التخويف والترهيب من الحب وصلاحية الحب في هذا الزمن الأغبر الذي صارت المحاكم تمتلئ بسببه. أين الشعراء والمحبون والأحباء وذاك الكم الغزير من قصائد العشق والبهجة والسرور والانشراح؟ وفين أحب الليلة فين؟ والحب الذي ما كان الواحد يأوي إلى فراشه في آخر الليل إلا وهو يضع مؤشر الراديو على أغنية «أهواك» وتنفر العيون شوقاً وحنيناً إلى الحب وآهاته وتنهداته ويقطع الحب شو بيذل، ويقطع الحب وسنينه، وصدقت صباح لما غنت: يقطع عمره الحب وعمر اللي بتصدق رجل، وأضيف: واللي يصدق امرأة كمان، لأن امرأة استثنائية تجعل قصص الحب استثنائية وتكتب القصة. إذاً نحن في حاجة إلى امرأة تكسر الصمت وتكسر الوحدة وتكسر الأواني وما شاءت على أن تحيي الحب فينا بعد الدقائق العشر الأولى، فهي الركاب وهي ربان السفينة والبحر والسفينة! خلف الزاوية ما زلت أفتش عن أعمق عن وله عن حب أصدق ما كان بحسباني أبداً بلقائك ثانية أُخلق [email protected]