منذ تعيين السفير السعودي ثامر السبهان في بغداد قبل عام وطهران تتقلب على صفيح من نار وقلق من الدور الذي يتبناه هناك، حتى وصل الحال بالحكومة العراقية إلى أن تطلب من السعودية استبداله بدعوى أنه تجاوز مهمته الدبلوماسية. 25 عاماً كانت مسافة الغياب الدبلوماسي السعودي عن الساحة العراقية ومن ورائها الدور العربي الذي تتبناه السعودية في لحظة فارقة من الهشاشة العربية، ليعود ذلك الدور عبر تسمية ثامر السبهان في سفارة السعودية لدى بغداد، وتبدأ سلسلة لا تنقضي من محاولات إيران وميليشياتها المسلحة أو قواها السياسية المندسة في أحشاء العراق لاستبعاده أو تعطيل دوره، وكأن السبهان بدأ في محاصرة النفوذ الإيراني الطاغي في العاصمة العراقية التي بقيت سداً منيعاً وخاضت «حرب وجود» ضد طهران قبل أن تنفذ إليها بعد الغزو الأميركي للعراق وتستأثر بمراكز القوى والقرار، منذ زيارات السبهان الأولى لأطياف اللعبة السياسية العراقية وكأنه يضيء مناطق النفوذ العربي الخامل ويعيد تنشيطه وإلهابه في وجه المشروع الإيراني الجاثم على صدر العراق. حاولت قوى بغداد السياسية والعسكرية المؤتمرة بإيران عبر كل الوسائل والمحاولات إبطال مفعول السبهان، من تشويه سمعته وخلق الأباطيل والإشاعات في ما يتعلق بنزاهته وصولاً إلى محاولة اغتياله عبر ميليشيات الحشد الشعبي بقيادة كتائب خراسان المنضوية عضوياً في الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى محاولات التضييق الحكومي والتعنت في تسيير عمله الدبلوماسي وعدم توفير ما يضمن سلامته وطاقم عمله في ظل التهديدات المكشوفة له، حتى بلغ يأس القوى السياسية العراقية المرتهنة لإيران أن تصرح بالمطالبة باستبداله وكأنها تريد الخلاص من صداع الحقيقة الدبلوماسية السعودية التي تقف حجر عثرة في وجه المشروع الإيراني لاحتكار بغداد والانفراد بحكمها. السبهان استخف بهذا الطلب غير المبرر، ولا سيما أنه يأتي بعد تقديم السفارة السعودية ببغداد استفهاماً للحكومة العراقية للتحقيق في تهديدات أوس الخفاجي للسفير السبهان. (الخفاجي أحد قيادات الحشد الشعبي الذي نال صفته الرسمية بأمر حيدر العبادي). ولأن السبهان يمثل مرحلة جديدة في سياسة السعودية تعنى بترميم المنطقة العربية، وتحمل أعباء المرحلة ومواجهة المخاطر والأطماع الدولية والإقليمية التي تحيط بالعالم العربي وتفتك به، رد السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان على مطالبة وزارة الخارجية العراقية باستبداله، قائلاً: «إن سياسة السعودية ثابتة ولا ترتبط بالأشخاص، وهي لن تتخلى عن عروبة العراق». وانضمت أخيراً صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى «جوقة التفسيرات» غير المحققة في طلب الحكومة العراقية استبدال السفير السعودي لديها، إذ نشرت الصحيفة أن وزارة الخارجية العراقية طالبت بسحب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى العراق ثامر السبهان بسبب رفضه إدانة شخص يدعى عبدالسلام السبهان زعمت الصحيفة أنه ابن عم السفير ومات أثناء قتاله مع تنظيم داعش الإرهابي. ولكن ثامر السبهان نفى صحة الخبر الذي نشرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، وقال في رسالتين بالعربية والإنكليزية، نشرهما بحسابه في «تويتر»، موجهتين إلى الصحيفة، إن هذا الخبر «غير صحيح جملةً وتفصيلاً»، مؤكداً أنه لا يوجد لديه ابن عم بالاسم الذي ذكرته الصحيفة. كما نفى السبهان في الرسالة أيضاً وجود أي شخص من عائلته قاتل في صفوف «داعش» أو غيرها. وطالب الصحيفة بتصحيح الخبر والاعتذار عنه، وأكد احتفاظه بحقه في اتخاذ أي إجراءات قانونية. وكان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية أكد لوكالة الأنباء السعودية (واس)، أنه لا يوجد قريب للسفير ثامر السبهان باسم عبدالسلام السبهان، وأن المذكور لا ينتمي إلى عائلة السفير، وطالب المصدر المسؤول وسائل الإعلام بتحري الدقة والتحلي بالمهنية في نقلها للأخبار. وكتب السبهان في تغريدة مثبتة في «تويتر»: «آفة الأخبار رواتها».