يعد الموسيقي ميشيل المصري من أهم الموسيقيين العرب، لتعاونه مع نجوم الغناء أمثال أم كلثوم وفيروز ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وغيرهم. وكان هؤلاء يستشيرونه في كل أمورهم الموسيقية. ويعتبر شاهداً على أهم فترات الغناء، ويدين بالفضل لوالدته التي وفرت له سبل الراحة في البيت في ظل رفض والده التام اتجاهه إلى الموسيقى. يقول المصري ل «الحياة» عن بداياته: «ولدت في ضاحية كوبري القبة عام 1933 واسمي بالكامل ميخائيل حبيب نخلة مسعود الماحي، وحين اتجهت الى الدراسة في مدرسة الفنون الجميلة الإيطالية عام 1947 خلسة أو سراً عن والدي، كان كل الطلاب أجانب، ولم يكن في المدرسة مصري غيري، فكان الجميع يناديني باسم المصري»، والتصق الاسم بي بعد ذلك». ويضيف: «أكرمني الله بمعلم جعلني أعشق الموسيقى، وكل ما يتمناه في حياته حققه معي، وعلمني العزف على الكمان والهارمونيا والتأليف وقيادة الأوركسترا». في تلك الفترة عمل المصري في أكبر فرقة موسيقية في مصر، وفي عام 1958 اصطحبه أستاذه نجيب رزق الله إلى الكويت وبقي فيها سنتين، ومن ثم عاد الى مصر وكوّن فرقته الموسيقية الخاصة، وسافر مجددا الى الكويت وبقي هناك حتى 1968. عمل في التوزيع مع العديد من الملحنين وفي مقدمهم محمد عبد الوهاب الذي كان له الفضل في معرفة الجمهور به خصوصاً انه كان دائم الإشادة به سواء في مجالسه الخاصة والموسيقية أو في حواراته الصحافية والإذاعية والتلفزيونية. يصف المصري تجربته مع الرحبانيين، عاصي ومنصور، بأنها من أمتع التجارب في حياته «زوجتي لبنانية وكانت جارة وصديقة لفيروز، وفوجئت ذات يوم بأن عاصي ومنصور الرحباني أرسلا لي بعدما سمعا بنجاحي دعوة مع مدير فرقتهم صبري الشريف، فذهبت إليهما وقدمت معهما مسرحية «الشخص» عام 1968، كما انني شاركتهم في جولة في المغرب العربي. كنت أحبهم وأحب عملهم وخطهم الموسيقي المحترم». ويضيف: «أول قرار اتخذته أن يتربى أولادي في مصر لأنني لم يكن لدي استعداد مهما كنت محبوباً أن يشعرني أحد بأنني غريب، لقد استمتعت بالعمل مع الأخوين رحباني لأنهما شخصان حقيقيان ومشرفان ومحترفان وليسا سطحيين، ولهما شكل خاص في الحياة لا يقبلان تغييره، فهذا يؤلف ويلحن وذلك يلحن ويؤلف وفيروز تغني ليقدموا في النهاية عملاً متكاملاً». وعن علاقته بعبدالوهاب يوضح المصري أنه في آخر 20 سنة من حياته» كان تمم له كل أعماله من توزيع وكتابة وقيادة واستشارة، «شخصيته نادرة وتستحق أن أذكرها دائماً لأنه بنى نفسه وبنى كل الفن الموجود في شكله الحالي. ولكي أكون أميناً، إيجاباً وسلباً، فهو له الفضل في تحويل الموسيقى إلى حاجة جمالية، لأنه كان يملك القدرة على أن يوصل كل شيء جيد. وكان فيلسوفاً يرى الناس من منظور شفاف ويعرف كيفية صناعة الفن، وهذا من أخطر ما يمكن». ويوضح أن علاقته بالعندليب الأسمر كانت قائمة على الود والاحترام المتبادل، ويتذكر الأجواء الجميلة التي رافقت تلحين أغنية «قارئة الفنجان» وتوزيعها. يشير المصري إلى انه ركز على التأليف أكثر من التلحين ووضع الموسيقى التصويرية لأكثر من 30 فيلماً، منها: «الطوفان» و «131 أشغال» و «الشيطان يغني» و «الغيرة القاتلة» و «لست شيطاناً ولا ملاكاً» و «عنبر الموت»... إضافة إلى أكثر من 60 مسلسلاً منها: «لا إله إلا الله» و «الفتوحات الإسلامية» و «بلاط الشهداء» و «من قصص القرآن الكريم» و «عائلة الحاج متولي»... ووضع أيضاً موسيقى عدد من الأوبريتات الغنائية والاستعراضات والفوازير. ويعزو المصري اختياره لآلة الكمان الى كونه يعتبرها تاجاً للاوركسترا، ولذلك أسموها في الغرب «سيدة الاوركسترا» لما فيها من صوت رفيع وقوي وضخم نسبياً.