وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً ملكياً أمس، إلى المفتي العام للسعودية رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء والجهات المعنية يقضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، والرفع لمقامه عمن يجدون فيهم الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، «ويستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول». ووجّه خادم الحرمين الشريفين بأنه في حال الفتاوى الخاصة الفردية «يمنع منعاً باتاً التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة». وأضاف الأمر الملكي أن «كل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرّض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان». وذكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز أنه «ترسخت في النفوس المؤمنة مفاهيم مهمة في شأن الفتوى وحدود الشرع الحنيف، يجب الوقوف عند رسمها؛ تعظيماً لدين الله من الافتئات عليه من كل من حمل آلة تساعد على طلب العلم، ولا تؤهل لاقتحام هذا المركب الصعب، فضلاً عمن لا يملك آلةً ولا فهماً؛ ليجادل في دين الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، وإنما هو التطفل على مائدة الشرع». وقال خادم الحرمين الشريفين: «تابعنا هذا الأمر بكل اهتمام، ورصدنا تجاوزات لا يمكن أن نسمح بها، ومن واجبنا الشرعي الوقوف إزاءها بقوة وحزم؛ حفظاً للدين». وأضاف: «لا أضرّ على البلاد والعباد من التجرؤ على الكتاب والسنة، وذلك بانتحال صفة أهل العلم، والتصدر للفتوى». وشدد الأمر الملكي السعودي على «أن تباين أقوال أهل العلم يتعيّن أن يكون في نطاق هيئاتهم ومجامعهم العلمية والفقهية، ولا يخرج للناس ما يفتنهم في دينهم، ويشككهم في علمائهم». وأوضح أنه «يدخل في معنى تلك التجاوزات ما يحصل من البعض من اجتهادات فردية، يتخطى بها اختصاص أجهزة الدولة، ولاسيما ما يتعلق بالدعوة والإرشاد وقضايا الاحتساب». وأضاف: «لم تكن ولن تكون الجلبة واللغط والتأثير على الناس بما يشوش أفكارهم ويحرك سواكنهم ويتعدى على صلاحيات مؤسساتنا الشرعية أداة للاحتساب وحسم الموضوع، بل إن الدخول الارتجالي فيها يربك علم مؤسساتنا الشرعية ويسلبها صلاحياتها، ويفرغها من محتواها، بدعوة واضحة للفوضى والخلل». وأوضح أنّ «في مشمول هؤلاء كل من أولع بتدوين البيانات والنكير على الخاص والعام لسبب وغير سبب، ومن بينهم من أسندت إليهم ولايات شرعية مهمة». وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى أنه «في سياق ما ذكر ما نما إلى علمنا من دخول بعض الخطباء في تناول موضوعات تخالف التعليمات الشرعية المبلغة لهم عن طريق مراجعهم، إذ منبر الجمعة للإرشاد والتوجيه الديني والاجتماعي بما ينفع الناس، لا بما يلبس عليهم دينهم ويستثيرهم». وشدد خادم الحرمين على أن «مصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار»، وقال: «سنتابع كافة ما ذكر، ولن نرضى بأي تساهل فيه، قلّ أو كثُر». وأضاف: «شأن يتعلق بديننا ووطننا وأمننا وسمعة علمائنا ومؤسساتنا الشرعية، التي هي معقد اعتزازنا واغتباطنا، لن نتهاون فيه، أو نتقاعس عنه». أمر ملكي يقصر الفتوى على «كبار العلماء» ويحذّر من «التطفل على موائد الشرع» خادم الحرمين ينتصر لميثاق فقهاء المسلمين التاريخي بتطبيق توصياته