يقف شاب سعودي أمام محطة للتزود بالوقود. يزود عامل المحطة سيارة الشاب. يسأله عن الثمن. يفتش الشاب في محفظة نقوده ويجدها فارغة. يلتفت. يجد كمية من التمر بجانبه، يأخذ منها بضع تمرات ويناولها للعامل. يقبل العامل الثمن البديل. ويمضي الشاب. هذا المشهد ورد في إعلان عن مهرجان مدينة بريدة للتمور الذي يقام هذه الأيام، والذي قدرت حجم مبيعاته في الأيام الأولى ب 20 مليون ريال. مهرجان مدينة بريدة للتمور واحد من مهرجانات عديدة ومهمة تشهدها السعودية سنوياً، أشهرها مهرجان مدن عنيزة والمدينة وجيزان، وهي تتولى تسويق انتاج تمور السعودية ومصدرها حوالى 21 مليون نخلة، تنتج اكثر من 400 صنف من التمر، منها 60 صنفاً تعتبر من الأجود عالمياً، يصل إنتاجها الى أكثر من مليون طن من التمور سنوياً، تستأثر منطقة القصيم بثلث الانتاج. وتقدر عائدات التمور السعودية بأكثر من 6 بلايين ريال، يستهلك معظمها محلياً، ويصدر الباقي الذي لا يزيد عن 25 في المئة من الإنتاج الى دول الخليج والبلاد العربية، وبعض الدول الأوروبية التي تستورد 3 بالمئة من الانتاج السعودي. لكن السوق تعاني شحاً في الأرقام والاحصاءات والدراسات، فضلاً عن خدمات التغليف والتخزين، وعدد المصانع وجودتها، والتي لا يزيد عددها عن 60 مصنعاً في أحسن التقديرات. لا شك في أن مهرجانات التمور ساعدت في تحسن هذه الصناعة، لكن المهرجانات لا تزال تعمل بمبادرات شخصية، وجهود فردية في الغالب. هناك غياب رسمي واضح تجاه صناعة التمور والاهتمام بها. ستجد من يقول لك ان وزارة الزراعة تقدم القروض والدعم، لا أحد ينكر القروض، لكنّ هناك غياباً في الرؤية، وتقدير هذه الصناعة الواعدة، التي، كما أشار اعلان مهرجان بريدة، يمكن أن تصبح نفطاً جديداً. الأكيد أن تعاملنا مع التمر لا يختلف عن تعامل دول بلاد الشام مع الزيتون. نتغزل به وبأهميته لكننا لا نفعل له شيئاً. في لبنان وسورية والأردن لن تجد مصانع مهمة لتغليف وتصدير الزيتون، على رغم كون شجرة الزيتون أساسية هناك. وفي السعودية تتكرر الصورة مع النخلة. هل تدرون أن سعر التمور الإسرائيلية عالمياً 4 آلاف دولار للطن الواحد، وسعر التمور السعودية عالمياً لا يزيد عن 1600 دولار، رغم ان الاصناف اللذيذة مثل السكري والبرحي والروثان والخلاص موجودة عندنا وليست في اسرائيل.