بدا التوتر الديبلوماسي بين الرباطومدريد مرشحاً للتصاعد، بعدما انتقدت وزارة الخارجية المغربية «عنصرية» إسبانيا في التعامل مع مهاجرين أفارقة غير شرعيين قالت إن الحرس المدني الإسباني «تخلى عنهم في عرض البحر وهم في حال صحية متردية»، في ثالث انتقاد مغربي رسمي لإسبانيا خلال أقل من شهر. ونظم ناشطون مساء أمس اعتصاماً أمام مقر السفارة الإسبانية في الرباط رددوا خلاله هتافات منددة بتصرف الحرس المدني مع المهاجرين الذين اتهموهم «برميهم» في عرض الساحل المتوسطي في المياه الإقليمية المغربية بمحاذاة مدينة سبتة التي تحتلها إسبانيا. ونقلت وسائل إعلام مغربية عن بعض المهاجرين أن «قوات الحرس المدني رمت بهم في عرض البحر، بعدما مكثوا ثلاثة أيام يواجهون الغرق تحت لهيب الشمس الحارة». وأصدرت الخارجية المغربية بياناً مساء أول من أمس نددت فيه بقيام «دورية للحرس المدني الإسباني بالتخلي في عرض السواحل المغربية للجماعة القروية بليونش (المتنازع على سيادتها بين المغرب وإسبانيا) عن ثمانية مهاجرين متحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في وضعية صحية متردية جداً». واستنكرت «هذا التصرف اللاإنساني الذي يتنافى واحترام كرامة وحقوق الإنسان والاتفاقات الثنائية المبرمة بين البلدين في ميدان تدبير الهجرة». وأضافت أنه «أمام هذه الوضعية الشاذة واللاإنسانية تدخلت السلطات المغربية من أجل إغاثة ونقل هؤلاء المهاجرين إلى المستشفى الإقليمي لتقديم المساعدات الطبية العاجلة لهم والتكفل بهم». وخلصت إلى أن الواقعة «تعكس النزعة العنصرية التي تطبع تدخلات الحرس المدني الإسباني». وحضت مدريد على «اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار الحادث الذي لا يخدم مصلحة البلدين». اللافت أن إثارة الموضوع جاءت على خلفية تصعيد يطاول الأوضاع في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، خصوصاً على خلفية تعرض رعايا مغاربة إلى «أعمال عنف واضطهاد» من الشرطة الإسبانية في المعابر الحدودية المؤدية الى المدينتين. ويسود اعتقاد أن تصعيد اللهجة الديبلوماسية المغربية في مواجهة إسبانيا يتزامن ومحاولات تبذلها سلطات مدريد لفرض الأمر الواقع في المدينتين، من خلال معاودة نشر القوات والتضييق على السكان المسلمين، إضافة إلى صدور دعوات إسبانية إلى تحويل جانب المعابر الموجود تحت نفوذ الشرطة ورجال الجمارك المغاربية إلى منطقة «حماية دولية». وذكرت مصادر إسبانية أن نقابة الشرطة في مليلية طرحت المشروع في ضوء الأزمة الناشئة، وقللت من شأن أعمال العنف التي يتعرض لها الرعايا المغاربة في المعابر المؤدية إلى المدينة. لكن الرباط التي كانت رفضت في وقت سابق كل أنواع الضغوط لإدماج المدينتين في قضاء شينغن الأوروبي ترفض هذه الإجراءات. ويتوقع أن يؤثر الملف على مستقبل العلاقات المغربية - الإسبانية، ما لم يتم احتواؤه بأقل قدر من الخسائر.