السناتور أرلن سبكتر الذي ترك الحزب الجمهوري لينضم الى الحزب الديموقراطي الشهر الماضي أعطى أسباباً لقراره لا أصدقها، وإنما أرجح انه يريد ان ينقذ مستقبله السياسي، فهو كان سيخسر ترشيح الحزب الجمهوري له في بنسلفانيا، ولو رشحه الحزب فالأرجح انه كان سيخسر ايضاً، فالجمهوريون في انحسار، وهو خير ممثل لهم بتقدم سنه وتراجع سياسته وتطرفه الإسرائيلي. لا أذكر أنني قرأت اسم أرلن سبكتر يوماً إلا مقروناً بموقف ضد العرب والمسلمين، وتحديداً مع اسرائيل ضد الفلسطينيين. لذلك لا أحتاج أن أعود الى المراجع لأقول انه أيد الحرب على العراق، وايد حرب صيف 2006 ضد لبنان، وأيد حرب اسرائيل على قطاع غزة بين نهاية السنة الماضية وبداية هذه السنة. وإذا قتلت إسرائيل ألف طفل فلسطيني آخر فسيؤيدها ويجد لها الأعذار. اعتبرت أمثال سبكتر والسناتور جو ليبرلمان وعضو الكونغرس توم لانتوس الذي توفى السنة الماضية ممثلين لإسرائيل قبل ان يكونوا ممثلي ولاياتهم أو مناطقهم الانتخابية في الكونغرس، وأي مراجعة لسجل تصويت هؤلاء الاعتذاريين الإسرائيليين ستثبت التهمة بما يكفي للإدانة في اي محكمة حقوق إنسان. هؤلاء المتطرفون لا يمثلون اليهود في إسرائيل أو أميركا أو حول العالم، فالغالبية اليهودية كانت دائماً وسطية ليبرالية، وهي في الولاياتالمتحدة تحديداً صوتت دائماً للمرشح الديموقراطي، وكانت نسبة اليهود الذين اختاروا باراك أوباما (واسمه الوسط حسين) بين أعلى النسب لأي جماعة دينية أو إثنية اميركية، فقد بلغت 78 في المئة. المتطرفون اليهود قلة، إلا انها قلة عالية الصوت نافذة، وفي حين ان غالبيتها من اليمين العنصري المجرد من الإنسانية، فإنها تضم ايضاً مجموعة من المعتدلين واليساريين ترفض ان تصدق ان اليهود خلقوا الوحش الإسرائيلي، أو تقبل على نفسها العلاقة مع نظام يقتل النساء والأطفال، ويتهم شعباً تحت الاحتلال بالتطرف لمجرد انه يقاوم الاحتلال. أبقى مع سبكتر، فهو استقال في 28 من الشهر الماضي، وتلقيت آخر عدد من مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» الذي حمل تاريخ 14- 27 ايار (مايو) ووجدت ان سبكتر كتب فيه مقالاً تحت العنوان «الحاجة الى استرداد السلطات التي سطت عليها الرئاسة». والمجلة تقول ان أرلن سبكتر هو سيناتور جمهوري من بنسلفانيا، والعضو الجمهوري الأول في اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ، ما يعني ان العدد على رغم التاريخ الذي يحمله، صدر قبل انتقال سبكتر الى الحزب الديموقراطي. سبكتر عضو في مجلس الشيوخ منذ 29 سنة، ورئيس اللجنة القانونية بين 2005 و2007 عندما كان الجمهوريون غالبية في المجلس، إلا انه كتب مقالاً لا يقدر على مثله إلا سياسي في مثل وقاحته المتناهية فهو يقول ان الولاياتالمتحدة شهدت منذ 9/11/2001 أكبر توسع في السلطات التنفيذية على حساب النص الدستوري الذي يفصل بين السلطات. سبكتر كان عضواً اساسياً في حزب الغالبية وأيد الحرب (وكل حرب تفيد إسرائيل بأرواح شباب اميركا)، وهو استفاق الآن على سلب إدارة حرب تقودها عصابة من دعاة الامبراطورية والمحافظين الجدد اليهود سلطات الكونغرس الذي ينتمي إليه والقضاء الذي يفترض ان يكون مستقلاً وحكماً في اي خلاف. وهكذا يقول سبكتر انه يريد تقديم مشروع قانون يطلب من المحكمة العليا مراجعة قرارات التنصت على مهاتفات المواطنين. المقال كله أنا وأنا وأنا، فهو يقول. أولاً، سأقدم تشريعاً، وثانياً سأقدم تشريعاً...، وأيضاً سأعيد تقديم تشريع، وبصفتي رئيس اللجنة القانونية أنا قُدت الجهود... وهكذا أنا فوجئت... وأنا أدركت... وأنا كنت مقتنعاً... سبكتر يشرح كيف اجتهد لتحسين نص قانون الوطنية لسنة 2001 الذي كان سينتهي اصلاً في نهاية 2005، إلا انه مُدّد وسبكتر رئيس اللجنة القانونية. قلت في السابق وأقول اليوم ان الكنيست الإسرائيلي افضل من الكونغرس الأميركي وأكثر اعتدالاً. وكتبت غير مرة ان الكونغرس «ارض تحتلها إسرائيل» ثم وجدت ان هناك من سبقني الى هذا الوصف، إلا ان هذا الموضوع يستحق مقالاً خاصاً.